السبت، 18 ديسمبر 2010

عن أرض السلطنة وشعبها: صور تحكي ملايين الكلمات


تصفح الكتاب معه: ساعي البريد

ثمة سحر ما في صوره يشدك إليها باستمرار لأنها تراعي لحظة الالتقاط وتراعي الصدق، والتمييز، والانفراد، والتكوين، والضوء، والظل، والأبعاد الفنية المتنوعة فهو فنان فاعل في الحركة الفوتوغرافية وأعماله الغنية بمضامينها وأفكارها أضافت زخما قويا على الحركة الفنية في السلطنة وهي ترتقي بالمستوى الجمالي والفني للصورة وتساهم في رفع مستوى الذوق العام على عدة مستويات ويبدو الأمر جليا في تجربة الفنان والمصور عبد الرحمن بن علي بن زاهر الهنائي مع إصداره الجديد باللغتين العربية والإنجليزية عمان: الأرض والإنسان والذي نتوقف معه في الأسطر القادمة.

الأرض والإنسان

يقول الفنان عبد الرحمن الهنائي بأن هذا الكتاب عبارة عن مجلدين المجلد الأول بعنوان عمان الأرض والثاني بعنوان عمان الإنسان ويتضمن المجلد الأول 229 صورة والثاني 268 صورة وبالنسبة لأغلفة المجلدين مع الصناديق فتحتوي على 8 صور، يشتمل المجلد الأول على 9 فصول وتمثل هذه الفصول مناطق ومحافظات السلطنة وأما المجلد الثاني فيشتمل على 4 فصول عن الاحتفالات،والحياة التقليدية،والحياة اليومية،والإنسان العماني،هناك مقدمة بسيطة لكل فصل من هذه الفصول. وحول فكرة الكتاب يقول الهنائي: جاءت فكرة الكتاب بعد زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه- للجامعة سنة 2000م ووضعت التصور الخاص بهذا الكتاب مباشرة وبدأت تنفيذه سنة 2003م ، وفي سنة 2004م حظيت بشرف دعم الجامعة لي في هذا المشروع الوطني وقد منحتني الجامعة مشكورةً الوقت لاكتشاف الكنوز الطبيعية للسلطنة الالتقاء بالعديد من الناس الودودين والكرماء.




ربع مليون كيلو متر

يفتخر الهنائي لكونه عمانيا ويشعر بأن الحظ كان حليفه للتجول والتنقل في ربوع بلادنا الحبيبية من أقصى شمال مضيق هرمز إلى أقصى جنوب قرية صرفيت بمحافظة ظفار وكل شبر واقع بينهما لإشباع عشقه في التقاط " الصورة المثالية" ويقول: بلا مبالغة قطعنا ما يقارب من أكثر من ربع مليون كيلومتر أثناء جولتنا داخل السلطنة وقمنا بتصوير أماكن مختلفة ومتنوعة وأما الأماكن التي لم نزرها فهي قليلة إذ لم تسمح لنا الفرصة والظروف لزيارتها وهناك مناطق زرناها عدة مرات.


ويضيف في الصدد ذاته: في بداية المشروع بدا لي الدرب شاقا وطويلا نظرا لضخامة حجمه واتساع رقعة السلطنة. وكانت الرحلة التي استغرقت 7 سنوات ممتعة وفيها بعض المخاطر وقد مثلت لي الجبال والصحاري تحدياً آخر كبيراً رغم شبكة الطرق المتطورة التي سهلت السفر بشكل كبير وتتميز أرضنا الطيبة بتنوعها الاحيائي والبيئي فلن يفصلك سوى بضعة مئات من الكيلومترات عن التمتع بزخم حياة المدينة أو الهواء العليل للجبل الأخضر، أو الاستمتاع بمنظر الشمس وهي تغادر أفق المنطقة الشرقية، أو الاطلاع على فن العمارة العريقة لقلاعنا وحصوننا، وتجربة حياة القرى الأخرى الأصيلة أو التنعم بهدوء الواحات الوارفة.
أعجوبة بصرية

في هذا الكتاب يخوض الفنان الهنائي تجارب جديدة ويقول حول ذلك: إن شغفي الحقيقي بمجال التصوير يمكن في تصوير الوجوه وأعترف أن شعوراً بالخوف خالجني حين قررنا تضمين المناظر الطبيعية في هذين الكتابين إلا أنني لطالما استمتعت بخوض تجارب جديدة، وحين بدأت بالنظر إلى الطبيعة من خلال عيني مصور اكتشفت حينها عالما جديدا بالكامل، إن أرضنا أعجوبة بصرية لكنها تحتاج إلى التحلي بصبر كبير لتقدر حق قدرها في صورة، لذا كان علي أن أغير من طريقة تفكيري في التقاط الصور، كما توجب عليّ تعلم إيجاد أفضل الزوايا وانتظار الإضاءة المناسبة، ويعد الطقس عاملا رئيسيا في عملية التصوير لذا يجب على المصور أخذه في الحسبان، ويصعب علي عد المرات التي عدت فيها من موقع ما خالي الوفاض لأن الجو كان مغبراً والرؤية غير واضحة. عندما تمطر السماء يصبح الهواء صافيا بشكل جميل ولهذا السبب ترى المصورين يهرعون إلى مواقعهم المفضلة بعد سقوط الأمطار الغزيرة، كما يتطلب تصوير المناظر الطبيعية جهداً جسديا كبيراً وهو محفوف بالمخاطر ورغم كل ذلك عمق هذا المشروع من خبراتي ومعرفتي بتصوير الطبيعة وأكسبني مهارة خاصة في فهم آلياته.
عشرات الآلاف من الصور

عدسة الفنان الهنائي رصدت عشرات الآلاف من الصور لهذين المجلدين وعن صعوبات التي واجهته يقول: اختيار الصور المناسبة من بين كمية كبيرة من الصور لم يكن أمرا سهلا وقمت بتشكيل فريق من أجل هذا الموضوع وكان العمل تحت مظلة مجموعة زينة للدعاية وقمت بمعالجة الصور المنتقاة وكان الاختيار النهائي للصور قبل حوالي 3 سنوات وقررنا نشرها في مجلدين لإعطاء الصور حقها وإبراز جمالياتها وعرضها بطريقة مبتكرة وقمنا بإعداد أكثر من 10 نسخ تجريبية لهذا الكتاب وإضافة صور أكثر جدة أو حداثة وكانت عملية التغيير والتجديد مستمرة إلى أن وصلنا إلى النسخة النهائية ولم يكن الإشراف على الطباعة عملية سهلة وأتقدم بالشكر للفريق القائم على هذا المشروع من داخل الجامعة وخارجها وطبع العمل في مطبعة عمان ومكتبتها ويبلغ عدد نسخ هذا الكتاب 6000 نسخة بواقع 3000 نسخة لكل مجلد.
جوائز

يذكر أن الفنان عبد الرحمن بن علي الهنائي حاصل على ثلاث جوائز مرموقة وهي الميدالية الفضية من مهرجان الاتحاد الدولي (الفياب) والذي أقيم في الصين وجائزة السلطان قابوس للإبداع الثقافي في مجال التصوير الضوئي والمركز الأول عن فئة المحور العام في جائزة أل ثاني الدولية للتصوير الضوئي لعام 2008م، وقد تزامن حصوله على هذه الجوائز مع المدة التي قام فيها بإعداد هذا الكتاب.






















الاثنين، 13 ديسمبر 2010

إصدار جديد لساعي البريد


بالأمس وصلتني مكالمة من المطبعة الشرقية ومكتبتها وانتظرت لينتهي الدوام وأذهب إلى هناك، وأحب أن أشكر كل من ساعدني على نشر هذا الإصدار باللغتين العربية والإنجليزية وفي المقدمة متحف غالية للفنون الحديثة كما أشكر الصديق محمد الزيدي على التصميم الجميل والصديق بدر الجهوري على الترجمة الرائعة وأيضا الصديق بدر الهنائي والذي أخبرني عن الفنان والمصمم أمير أفندراس

الأحد، 12 ديسمبر 2010

تدشين كتاب الصديق ماهر الزدجالي


في دورة الألعاب الشاطئية الآسيوية 2010م والتي تم افتتاجها مؤخرا بولاية المصنعة  تم تشدين كتاب الصديق العزيز ماهر بن مال الله الزدجالي وعنوانه "ولاية المصنعة حكاية البحر والتاريخ"

الثلاثاء، 7 ديسمبر 2010

ذات طفولة





ذات يوم


ذات طفولة


كان لدينا صندوق خشبي جميل أغرتنا مساحته أن نتخيله قطارا ملونا يأخذنا مع الأصدقاء في رحلة لا قيمة للزمن فيها ...وليس للأرض فيها حق في الجاذبية ثم منحنا القطار الخشبي حق الصعود بنا نحو السحاب ,وانزلقنا على قوس قزح الذي كان يشرب رذاذ المطر من بين أشعة الشمس ... وكذا حتى وصلنا غابتنا الجميلة فكانت لدينا مظلة فتخيلناها شجرة وجلسنا تحتها نمارس الأعمال الدرامية التي نسجنا في خيالنا الثري سناريوهاتها المرتجلة , ورحنا ننهمك في تفاصيل إدراكاتنا الأولى للحياة ....


لمسنا القمر......
قطفنا الزهر........
رأينا يومها ما حدث اليوم وما حدث غدا ...
كان الجو حارا في تلك الغابة حتى أننا اشترينا المرطبات بينما كانت دنيا الكبار تأذن بعواصف ثلجية وروزناماتهم تشير إلى....... .ديسمبر
ساعات طوال استنفذت فهمنا وطاقاتنا وخيالاتنا وأصواتنا وأبتساماتنا حتى تعبنا فنمنا ....


ثم ذات يوم


طلع الصباح


فاستيقظنا


فإذا بنا كبار
لم يبق من طفولتنا سوى دمى قديمة وقطع خشبية لم تعد تعتلي أقواس قزح .....
وإذا بنا نحتمي جدا في ديسمبر ونخشى العواصف الثلجية والأمراض الشتائية وأشياء أخرى ..
وفي طوايا نفوسنا تراكمات من خبرات مركبة صارت مع السنين مسلمات لا نحكم إلا بها ولا نؤمن إلا بها أما الخيال والحلم فلم تعد تتولاه لدينا حاسة !!!
يمضي العمر ونحن ننسى ذلك الطفل الجميل الذي غاب في وديان أنفسنا ,وننسى أن الأبداع والخيال المطلق الذي أسس بداية كل براءة اختراع لدى الكبار .....هو أساس الطفولة ومحورها ........
يمضي العمر ونحن نجتر ذكرى أذى صدر من صديق ...بينما طفلنا يعود يضحك مع قرينه والدمعة لا تزال في عينه , يروح الشباب والنشاط وأوقات الهمة ونحن لا نمتلك أدنى مهارات الطفل في العمل الجماعي الذي يؤديه الطفل حريصا على نجاح العمل لا نجاح اسمه
الطفل مخلص جدا في عمله ...واضح جدا في رؤيته ..الطفل مبدع على الإطلاق وليس هنالك طفل غير مبدع لأنه على الأقل ليس هنالك طفل لا يرسم وليس هنالك طفل لم يأخذ دورا يمثله في لعبة
فلنتصفح ما يدركه الأطفال وكيف يعرف ما يريد ويرسم ما يريدويقول ما يريد بالطريقة التي يريد فلا نجعل حواسنا تملك زمام إدراكنا بل نسلم القيادة لعقولنا وخيالاتنا بل وأحلامنا ولنبقى طفوليي القلب والأسئلة والفضول حتى لو زارت رؤوسنا مراعي الشيب .



نوار سكجها
مجلة العربي -العدد624





الاثنين، 6 ديسمبر 2010


تحيي فرقة ناس الغيوان حفل جائزة الأركانة العالمية للشعر التي ينظمها بيت الشعر في المغرب ومؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير، بدعم من وزارة الثقافة والمسرح الوطني محمد الخامس، وذلك يوم الاثنين 13 ديسمبر 2010 على الساعة السادسة مساء بالمسرح الوطني محمد الخامس بالربـــاط ، يتسلم فيه الكاتب والشاعر الطاهر بن جلون درع الجائزة.

وبنفس المناسبة يوقع بن جلون المنتخبات شعرية التي يصدرها بيت الشعر تحت عنوان " ظلال عارية "، ترجمها وقدّم لها الناقد خالــد بلقاسم، على الساعة الخامسـة مساء.







الأحد، 5 ديسمبر 2010

إعلامنا العلمي


وصلتني بالبريد الجوي هدية رائعة من الدكتور مجدي سعيد عضو مجلس إدارة الرابطة العربية للإعلاميين العلميين وهي عبارة عن الطبعة الأولى من "دليل الإعلامي العلمي العربي" وقد سررت كثيرا بهذا الدليل الذي يقدم الكثير من المعلومات القيمة والمفيدة لكل من يرغب في دخول حقل الإعلام العلمي في وطننا.

قام بإعداد مادة هذا الدليل 18 عضو وعضوة ويتكون من 3 أبواب يتناول الباب الأول موضوع الإعلام العلمي العربي الواقع والإشكاليات، ويضم 3 فصول وأما الباب الثاني فيتناول موضوع الإعلام العلمي..خبرات ومهارات علمية ويضم 12 فصل وأما الباب الثالث فيتطرق إلى الآفاق والتحديات ويضم 3 فصول.
ويشهد هذا النوع من الإعلام حضورا قويا ومؤثرا في الدول الأخرى وهو من النوع المتخصص ويقدم مادة إعلامية تهدف إلى الوصول إلى الدقة والموضوعية قدر الإمكان لأنه يتطرق إلى قضايا ومواضيع من نوع آخر ومرتبطة بمنظومة العلوم والتكنولوجيا.
كما يساهم الإعلام العلمي في ردم الفجوة بين الثقافة العامة والمعرفة العلمية المتخصصة ويحمل دلالات كثيرة على انتقال المجتمعات من المراحل التقليدية إلى مراحل أكثر تطوراً.
ومع الأسف الشديد فإن الاهتمام بهذا المجال في الوطن العربي ضعيف للغاية ذلك بسبب ضعف البحث العلمي في هذا الوطن وأسباب أخرى تعيق حقل الإعلام العلمي من الانطلاق وتحقيق أهدافه.
وبالنسبة للرابطة العربية للإعلاميين العلميين فقد كانت لمدة 3 سنوات بذرة صغيرة في باطن الأرض ولم يتوان الأعضاء المؤسسون لهذه الرابطة وعلى رأسهم الدكتورة نادية العوضي رئيسة الرابطة من السعي الدؤوب لإعطاء فرصة الميلاد لهذه الرابطة وهي الآن نبتة صغيرة تحاول أن تنمو ويكون لها أوراق وأغصان في الأرض العربية وأصبح لديها كيان إلكتروني سنة 2003م http://www.arabsciencejournalists.net
كما شارك أعضاء الرابطة في العديد من الورش والمؤتمرات مع تقديم بعض البرامج التدريبية لتعزيز وجودها ومن هذه البرامج برنامج تدريبي بعنوان "زميل لزميل" وقد أتاح هذا البرنامج فرصة كبيرة للانفتاح على عدد أكبر من العاملين في مجالات الإعلام العلمي وكانت المشاركة في هذا البرنامج على 3 مستويات وقد شاركت فيه لمدة قصيرة وحققت بعض الاستفادة وخاصة في مجال طرق ووسائل كتابة الأخبار العلمية والمواد الصحفية الأخرى بالإضافة إلى البحث عن ما رواء الخبر ولم أتمكن من إكمال المشوار بسبب بعض الظروف وأرغب في الانضمام في البرنامج القادم.
في سنة 2006م تم توقيع اتفاقية لتأسيس الرابطة بشكل رسمي كشبكة من شبكات المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا مقرها القاهرة وما تزال أنشطة هذه الرابطة مستمرة وأتمنى لها أن تثبت جذورها في الأرض وتكبر وتثمر لتقدم المزيد من الخبرات والتجارب الإعلامية في حقل الإعلام العلمي.


الأحد، 28 نوفمبر 2010

القاص المغربي سعيد رضواني يلهب الساحة القصصية العربية


صدر للقاص المغربي سعيد رضواني حديثا عن دار التنوخي للطباعة و النشر و التوزيع بالدار البيضاء، وفي حلة أنيقة كصاحبها، مجموعته القصصية الأولى الموسومة ب"مرايا ".

يقع العمل القصصي في 73 صفحة، ويضم 11 نصا قصصيا، يتسم بغلافه المزخرف بمرآة لوجهين متماثلين يمثل لا - محالة - كل واحد منهما عالما متقابلا في المعنى، وفي الوقائع المتشابهة التي تخلق ندا مشابها للند الأول و الثاني و باقي البقية في تجربة المبدع سعيد رضواني، المتسمة بالخروج عن المألوف في الصياغة و التأويل لوقائع الأحداث و القضايا المطروحة ،كما يزخر العمل بمفاهيم فلسفية عمد الكاتب الى تخطيطها في مرآته التي تعكس أوجها و مرايا تتماثل و تتعدد حسب طبيعة ونوعية كل "مرآة"، وكل شبه جديد استنبطه رضواني من مخيلته التي استطاعت أن تخلق لنا أوجها متعددة من كل شخصية على حدى . و قد خص شيخ القصاصين المغاربة أحمد بوزفور هذه المجموعة القصصية بمقدمة رصد فيها معالم "مرايا"، و كيفية الكتابة عن صاحب هذه المرايا ، بقوله: " "مرايا" تتميز بخاصيتها الفريدة: (المرآة). كل قصة من قصصها تنسج في وجدان القارئ هذه الإمكانية الخارقة التي يتمتع بها خيال الإنسان: إمكانية مضاعفة العالم، إمكانية أن تخلق لكل شيء ندّا، ولكل حيوان شبيها، ولكل إنسان قرينا. أن تخلق في السماء سماء، وفي البحر بحرا، وللصورة صورا، وللصدى أصداء لا تنتهي إلا لتبدأ من جديد. هذه الأرجوحة اللغوية تدوخ القارئ، ولكنها دوخة ممتعة إلى حد الأوركازم. أليس الجنس مضاعفة للخلق؟
(مرايا) ليست مجموعة قصصية، إنها كتاب قصصي، ولكنه كتاب أَزلي سرمدي لا ينتهي، لأنه يتضاعف في كل صفحة، في كل جملة، في كل كلمة، كأنه التحقيق العيني لذلك الكتاب الذي كان يحلم به بورخيس.
كان مما يضاعف متعة هذا الدوار اللذيذ في(مرايا) لغةُ الكتاب الجميلة الكامنة خلف هذا العالم المتعاكس المتصادي، إذْ كلما تضاعفت تفاصيل هذا العالم، كلما توارت اللغة التي تعبر عنه. لغة شفافة كصباغة التشكيلي المحترف، تبرز الموضوع وتختفي وراءه. لا تهتم بالبلاغة لأنها مشغولة بالتعبير، ولا باللعب اللغوي لأنها تلعب بالأشياء وصور الأشياء. لكنها وهي تطرح مساحيق التجميل، تحرص كل الحرص على اكتمال أدواتها، حتى لا يُشَتِّتَ ذهنَ القارئ (الملعوب به) تجميل ولا نقص.

هل يمكن أن نقول إن (مرايا) تطرح في العمق فلسفة الخلق الفني التي لم تنفد مقارباتها المتضاعفة منذ محاكاة أرسطو؟
هل يمكن أن نقول إن (مرايا) تعيد إلى القصة المغربية خصوبة الخيال وألعابه الممتعة بعد أن كاد يطغى عليها اللعب الشكلاني بالألفاظ؟
هل يمكن أن نفرح بميلاد كاتب حقيقي، وأن نهنئ به هذه الأم الولود المنجبة التي تفاجئنا باستمرار، بأبنائها وبناتها المتضاعفين: القصة المغربية؟

أترك الجواب
الأجوبة للقارئ العزيز. "

و لعل العنوان الطافح بالأسئلة و المشاكسات في الغوص بالاستفهامات الذي اختاره الكاتب لمجموعته القصصية "مرايا" ، فان امتاز بشدة اختزاله، فهو يحمل في طياته دلالات و انسياقات في العمق محتملة العديد من أسئلة الملاحظة و التفسير و التأويل الى كل الأشياء المتماثلة في الأفكار و التجارب و الرؤى، فهو في الحقيقة اسم لجسم حساس قبل كل شي ، يقبل كل شيئ، و يغازله القبيح و الجميل من الأشياء التي تخالطه وتخالطنا في حايتنا اليومية ، وخاصة منها التي تقع أثناء فعل الكتابة ، و هذا الاختيار ، بقدرما يثير الدهشة لدى المتلقي ، فانه يبدأ في اللحظة الأولى بولوج عمق المجموعة القصصية. فمنذ القصة الأولى الموسومة ب" مرايا الأحلام" يجد القارئ نفسه في عالم تنضح جوانبه بالتماثلات المتقاطعة ، في عالم تتماثل فيه الأفكار و الرؤى، فيصبح الانسان وليد اختلاطات و ايديولوجيات تحكمت فيها وقائع سابقة.
كما تتناول باقي المرايا القصصية في المجموعة الواقع الحقيقي، بل تشخصه في عدة أصوات تلعب أدوارها الرئيسية في كل قصة من المجموعة، والتي يمكن أن تكون شاهدة على أحداث واقعية، وأخرى ربما تخيلها الكاتب، فجعلها تمشي وتجري في فضاءات و أزمنة خاصة بالكاتب، والتي أضحت وليدة أخرى وسابقة بكيفية برع في ثمثيلها في كل قصة على حدى . هذه النمطية الكتابية التي نقش من خلالها سعيد رضواني عمله الأول، ذات أبعاد تأويلية مختزنة لمفاهيم و أبعاد متخيلة، تنبني على أسلوب يتميز بالبساطة القادرة على السيطرة على المواقف الصعبة ، التي تتشظى فيها الذات، وتصير متعددة الوجوه الى مالانهاية من المرايا... فالكتابة في المجموعة القصصية عند القاص المغربي المتميز سعيد رضواني تنطلق من مغامرة البحث عن الحدود القصوى، عن تخوم المعنى فيما وراء الذات، فالأمكنة و الأشياء البسيطة مثلا التي نسجها و لا يعيرها بقية الناس اهتماما، هي التي تمنح العالم قيمته، وتملأ فراغاته بالدلالة، ومن هذا التشظي تبرز الشخصيات ككائنات شفافة، يستطيع كل واحد منها أن ينظر الى ذاته فيرى الآخر، أو ينظر الى الأخر فيرى ذاته، مع مايتطلبه ذلك من اشتغال على الرمز و التكثيف، على اعتبار أن القصة القصيرة هي مغامرة محفوفة بكل المخاطر التي تعترض سبيل المبدعين الراغبين في قول العالم باقل ما يمكن من الكلمات و التعابير التي تفنن سعيد رضواني في أبرازها و اخراجها الى الوجود في مجموعته الباذخة، تعابير تحتم على القارئ أن يشاكس بالأسئلة عبر الإجابة المتعددة التأويل والاحتمال ، مما جعل النمط الذي انساقت معه المجموعة يطغى عليه السحر اللغوي والتأويل الجمالي الفاتن والمنساق مع الفرضيات المتعددة، على نحو ما نجد في روايات أمريكا اللاتينية على شاكلة كتابات باولو كويلو و خورخي لويس بورخيس، أو على نحو ما عبر عنه الروائي المغربي رشيد الجلولي حين قال عن "مرايا": لقد استطاع سعيد رضواني أن يحشرنا في فضاءات بورخيسية بامتياز، أقل مايمكن القول عنها بأنها زاخرة بالمرايا العاكسة لبعضها البعض، بحيث تشكل متاهة مفتوحة من الصور و الكلمات و الكائنات، التي تعكس بعضها البعض، كأنها ظلال شفافة لنفس الشيئ."
و يمكن القول أن المجموعة القصصية أو الكتاب القصصي السرمدي كما عبر عنه أحمد بوزفور : "مرايا " لسعيد رضواني، صورة تختزل عدة صور، تتأثر جميعها بتصادم التماثلات في الأشخاص و الحضارات و القيم و الأخلاق و الانسانية، في ظل التغيرات الفكرية و الايديولوجية الطافحة على مرايا العالم و انعكاساتها ، مرايا من جهة البحر، و أخرى قابعة في لب الماء، الماء الذي يخمده الكاتب و يزيد من وهجه كلما اراد في كلمات مجموعته القصصية. وهو نفس السياق الذي يذهب اليه خورخي لويس بورخيس في جميع كتاباته العاكسة للتماثلات كما في ديوانه الرائع : "مديح العتمة"، حين قال في قصيدة "أعمى ": " لست أدري كيف يكون الوجه الذي يراني

عندما أنظر وجه المرآة

لست اعلم أي عجوز يتقلص على انعكاس محياه

بغيظ صامت واهن

أتحرك في ظلي ببطء

متلمسا بيدي ملامحي اللامرئية

يمسني وميض فألمح شعر رأسك

الذي من رماد... بل من ذهب "

أو في خطابه للمرآة في قصيدته الرائعة: " الى مرآة"، حين يقول في عظمته المعهودة: " تبحثين عني في الماء القلق

و البلور السرمدي

وليس مجديا أن أكون أعمى

فحين أعلم بوجودك ولا أراك

أتخيلك كائنا مرعبا

انه لنوع من السحر أن تجرأي

على مضاعفة رقم الأشياء

التي هي نحن

والتي تواكب مصيرنا “

وبناء على التشبيهين السالفين، أجده الكاتب أيضا انحنى في سياقات أخرى من جهة الأدغال الإفريقية العظيمة بشعرائها والعاكسة لمرآته الطافحة على الغرابة في الكتابة التي بات الكتاب المغاربة أو العرب يكتبون بها في السرد أو في القصة خاصة، فالتجديد راهن عليه سعيد رضواني في تحديث كيفية استخراج الكائنات الحية من المرآة أو الأشياء التي أخرج منها سعيد كائناته، لتصير كائنات أخرى هي نفسها بأوجه متعددة ومختلفة، تجري وتركض صيفا و شتاء كلما الحر، كما ذهب الشاعر السيينغالي العظيم" بيراغو ديوب" في كلماته الرائعة: " الأموات ليسوا في الثرى

انهم بيش الشجر في الغاب

الهامس

وفي المياه الصاخبة

والمياه الهادئة،

وفي المكان المنعزل

وفي الجمهور،

الأموات ليسوا موتى..."

ان مجموعة" مرايا"، بطريقة ة كتابتها التي تتقاطع مع كتابات رائدة كما سبق الإشارة إلى ذلك، هي مجموعة جامحة تنفتح على كل الرؤى الانسانية حيث يتقاطع ويتماثل فيها الواقعي بالذاتي، البيت بالشارع، وأيضا بالتخييل الذي برع في ترويضه صاحب هذا العمل القصصي الذي يستحق كل المتابعة و القراءات النقدية التي ستزيد حتما من وسامته، في الساحة القصصة المغربية و العربية. انها مرايا لمرايا كائن سمي قديما بالابداع الحقيقي، حيث كائن آخر سمي بالماء من جهة المرآة العاكسة لشجوننا..



أنس الفيلالي

شاعر و باحث في التاريخ والأدب



هدايا ساعي البريد: National Geographic العربية


منذ أيام أو أسبوع حصلت على نسخة إضافية من مجلة National Geographic العربية، المجلد الأول، العدد الثاني، نوفمبر 2010م. وهي المجلة الرسمية للجمعية الجغرافية الوطنية، كالعادة قررت تقديم هدية إلى أحد القراء وبدأت البحث عنه أو عنها داخل جامعة السلطان قابوس. بدأت جولتي عند مركز النشاط الطلابي واستراحة الطلاب ومعظم الذين مررت بالقرب منهم كانوا مشغولين إما بالأكل أو الحديث وهناك قسم آخر مشغول بالمذاكرة وقراءة كتب المقررات. حاولت البحث عن طالب لديه كتاب مختلف عن المواد والمقررات فلم أحصل عليه.

وتابعت جولتي وقبل أن أصل إلى مكتبي كان مركز تقنيات التعليم أمامي وتذكرت المصور والفنان والصديق الرائع صغرون الحمادي والذي يزور مكتبي بين مدة وأخرى وكلما عثر على مجلة أو كتاب على طاولتي طلبه مني بلا تردد ومع الأسف الشديد كان صغرون خارج المركز وأخبرني أحد الزملاء بأن الصديق والفنان التشكيلي إدريس الهوتي يتابع النسخة الإنجليزية من هذه المجلة. وبلا تردد ذهبت إلى مكتبه وكالعادة استقبلتني ابتسامته الهادئة والواثقة. قدمت له المجلة وأخبرني بأنه لأول مرة يشاهد النسخة العربية وهي فرصة للإطلاع عليها وربما سيتابع الأعداد القادمة منها. يشتمل هذا العدد على عدد من التحقيقات والأبواب منها السلام المرتعش والقطعان التائهة وهجرات عظمى وبحار اليابان وخبايا الأزتيك.
ترجمة هذه المجلة إلى اللغة العربية فكرة جميلة ومتقنة وأتمنى لها الاستمرار






مجلة " إلـــــــــــــــــــــى" تعود بعد انقطاع



بعد أجازة امتدت لأكثر من شهر ها هي مجلة " إلـــــــــــــــــــــى" تعود إلى القراء من كتاب وفنانين ويتضمن القسم العربي منها: 


ستة أعمال للفنان رافع الناصري لنص الشاعرة إيتيل عدنان " مكتبة أضرمت بها النار "نصوص لكل من الشاعرة السعودية نهلة محمد ، والشاعرة العراقية وفاء عبد الرزاق ، والشاعرة اللبنانية سمر دياب ، والتونسية يسر فوزي ، ولكل من الشعراء المغربي فتح الله بوعزة واللبنانب علي مطر ، نص سردي للكاتب المغربي شعيب حليفي بعنوان على أبواب القاهرة يصف به رحلته الى مدينة القاهرة ومشاهداته هناك وفي الانكليزية نقرأ النص الانكليزي لأعمال الفنان رافع الناصري مكتبة أضرمت بها النار ، وكذلك نص للكاتب الارجنتيني نوربيرتو لويس روميرو ، وكذلك قصائد للكاتبة الأمريكية كريستال آربوغست وفي الاسبانية قصائد للشاعر الارجنتيني رولاندو ريفكليتي ، ومقال للكاتبة الارجنتينة مانويلا كاسترو ، وكذلك نص للكاتبة ديلا رينكيفو من فنزويلا ، وأيضا نص للكاتب الارجنتيني نوربيرتو لويس رومميرو
ورابط المجلة كالتالي:
www.ila-magazine.com


السبت، 27 نوفمبر 2010

الاصدارات الجديدة للكاتبة الصغيرة هيا قره كهيا



أصدرت الكاتبة السورية الصغيرة هيا قره كهيا، والتي تعتبر حالياً أصغر كاتبة عربية، إصداريها الرابع والخامس، عن دار وجوه للنشر في الرياض، تحت عنواني صديقة من كوكب آخر،والكنز الذي معك.

وتميزت القصص الجديدة بالبطولة الإنسانية لشخوصها، إضافة إلى كائنات تخيلية أخرى، وتقول الكاتبة الصغيرة هيا عن اصداريها: أن الاول "صديقة من كوكب آخر" كانت تصف فيه التوتر الذي تمر فيه وقت الامتحانات، وكيف ان احلامها ايام الامتحان تتحول كلها الى موضوع الدراسة، مع انها قد تكون طريفة احيانا، وتريد ان توصل فيه فكرة ان ذلك التوتر امر عابر، وهو نتيجة للشعور بالمسؤولية اكثر من اي شيء اخر.
أما اصدارها الثاني الذي حمل اسم " الكنز الذي معك" فهي تتحدث فيه عن قيمة الاخوة، فهي نعمة كبيرة لكننا عادة لا ننتبه اليها جيدا، ونختصم مع اخواننا مع اننا نحبهم كثيرا.
وتضيف انها في طريقا الى نشر قصص اطفال اخرى ان شاء الله، ذلك ان قصصها تلاقي نجاحا بين الاطفال..
وكانت هيا التي احتفلت بعيد ميلادها الثالث عشر في شهر آب الماضي قد أصدرت من قبل:


امرح ولون مع هيا 2009


من أرسم؟2010


اهرب قبل الفجر!2010


والكاتبة الصغيرة هيا قره كهيا هي ابنة الكاتبة السورية لبنى ياسين، وحفيدة الشاعر والكاتب الصحفي الراحل محمود ياسين رحمه الله.


الثلاثاء، 23 نوفمبر 2010

العدد التاسع والعشرون من مجلة الجوبة


صدر العدد التاسع والعشرون (29 ) من مجلة الجوبة الثقافية لخريف 2010 ذي الحجة 1431 هـ ، حاملا معه العديد من المواد الإبداعية والمقالات والدراسات وقراءات الكتب ، ومحملا بملف خاص عن "رحيل القصيبي .. رجل الدبلواسية والأدب" شارك فيه عدد من النقاد والمتخصصين من المملكة العربية السعودية والعالم العربي.

وقد تضمن العدد افتتاحية المشرف العام على الجوبة ورئيس التحرير الأستاذ إبراهيم بن موسى الحميد التي خصصها لملف العدد الذي تضمنته المجلة معتبرا أن القصيبي ايقونة انسانية للابداع ، لم يخيب محبيه ومعجبيه يوما رغم المواقع والأزمات التي مربها مؤكدا ان اسهام الجوبة لايعدو عن كونه نقطة ضوء تشعلها في بحر الكتابات عن الراحل الكبير.
وشملت الجوبة في عددها دراستين..كانت الأولى عن " اللهجات العربية في القرآن الكريم".للدكتور حسين الإدريسي، الذي تناول من خلالها اللغة واللهجة في عرف القدماء والمحدثين ثم جغرافية اللهجات العربية بلغة القرآن الكريم والقراءات القرآنية وعلاقتها باللهجات العربية..منتهيا باللهجات العربية في القرآن الكريم.وجاءت الثانية للدكتورة ثناء عياش عن "المفاضلة بين الشعراء"والتي سعت من خلالها إلى تسليط الضوء على ظاهرة نقدية شغلت شعراء العصر الأموي ..تمثلت في المفاضلة بين الشعراء؛ وذلك بدراسة وتحليل الآراء النقدية التي صدرت عن أبرز شعراء العصر الأموي،وتدخل الجوبة في مواجهتين.. كانت الأولى مع الناقد والكاتب الأردني فخري صالح الذي التقته على هامش ملتقى السرد العربي الثاني وتحدثت معه عن ملتقى السرد، وقضايا النقد، والإبداع في الوطن العربي ، ممتدحا تجربة الروائي عبده خال و التجربة الروائية السعودية الحديثة .أما الثانية فكانت مع كاتبة الأطفال روضة الهدهد التي تحلم بسعادة الأطفال على مستوى الوطن العربي بأكمله ، وتقول بأننا نعاني من ندرة أو قلة الكتاب الذين يكتبون لهم.وواجبنا أن لا نترك أطفالنا نهب الفكر الغربي أو الخيال المحض.
وفي باب نوافذ تنشر الجوبة مواضيع لكل من عبد الناصر الزيد في ( المجد للأنثى)، وفواز الجعفر في (الجوف حلوة) ، ومصطفى الصوفي في "تطور فنّ القصّ السعوديّ وخصائصه"
ونورا العلي في موافقات شعرية.
كما تقدم الجوبة مواضيع نقدية لكل من هيثم حسين في «الترام الأخير» للروائيّ التركيّ نديم جور سيل.. و سعد الرفاعي في "مخلوقات الأب" و عبد الجبار العلمي في رواية "الخوف" للروائي المغربي رشيد الجلولي، وهشام بنشاوي في "إيروس في الرواية".
وتنشر قصصا لملاك الخالدي وزكريا العباد وشمس علي ومحمد صوانه. وقصائد لكل من الدكتورة أشجان هندي يتشابهون وأنت استثناء ، و سعد العاقب ومحمد حرب وزكية نجم ومحمود قطان وعبير يوسف وطارق فراج . و قراءات لكتاب "دموع فراشة" لأحمد الدمناتي ، وكتاب "شاهد عيان على ذلك الزمان 1946-1948 شهادة على ضياع فلسطين " لمعاشي ذوقان العطية ، وكتاب الوزير المرافق لغازي القصيبي و كتاب هدير الشعر لصابر الحباشة .
وفي مجال المال والاقتصاد تناولت الجوبه أحكاما اقتصادية في آيات قرآنية، للاستاذ الدكتور محمود الوادي .
والجدير ذكره أن الجوبة مجلة ثقافية تصدر كل ثلاثة أشهر ضمن برنامج النشر ودعم الأبحاث بمؤسسة عبد الرحمن السديري الخيرية بمنطقة الجوف السعودية التي يشرف عليها الدكتور زياد بن عبدالرحمن السديري المدير العام لمؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية ويمكن التواصل معها عبر بريدها الالكتروني :

Aljoubah@gmail.com
أو الفيس بوك http://www.facebook.com/aljoubah
أو تويترِ http://twitter.com/aljoubah










الاثنين، 22 نوفمبر 2010

كموج البحر: "بهرجني" ورؤيته المختلفة




تعرفت على الأديب الإيراني صمد بهرنجي "1939-1968م" من خلال كتاباته المترجمة إلى اللغة العربية وحدث ذلك وأنا طالب في سنواتي الجامعية الأولى إذ عثرت على كتاب بعنوان " حكايات صمد بهرنجي" ترجمة إبراهيم البشمي وإصدار مؤسسة الأيام للصحافة والطباعة والنشر-البحرين، وفي إحدى معارض الكتب الدولية في مسقط بالتحديد في ركن وزارة الإعلام البحرينية حصلت على هدية قيمة بعنوان "أولدوز والغربان" للمؤلف نفسه، ترجمة عبد القادر عقيل وجهود كتاب البحرين تستحق كل الإشادة والتقدير لنقلهم إبداعات هذا الأديب والذي قدم رؤية مختلفة في مجال أدب الطفل.
كما عثرت مؤخرا على كتاب آخر بعنوان "السمكة الصغيرة السوداء" ترجمة نبيلة سلباق برير وإصدار دار الفتى العربي- بيروت، وكان هذا الكتاب ينتظر قارئه بشغف وقد وضع باهمال مع مجموعة من الكتب على رف قديم داخل إحدى المكتبات الشرائية المعروفة في مدينة مطرح وشرف كبير أن أقوم بمسح الغبار عنه -ويبدو أن رحلتي بين الأرفف القديمة والغبار لن تنتهي- حصلت هذه القصة على جائزة أحسن قصة للأطفال في المهرجان الدولي لكتب الأطفال ببولونيا في إيطاليا وتم ترجمتها إلى العديد من اللغات لاحقا ولكن بهرنجي لم يستلم جائزته فقد تم إغراقه في البحر الأسود وشعرت بسعادة كبيرة لعثوري على هذه الترجمة القديمة والجهد الأكثر من رائع.
عثرت على هذه الكتب الثلاث في مراحل مختلفة واستمتعت بمطالعتها وتعرفت على شخصيات المؤلف من خلال حكاياته وقصصه المختلفة ومنها شجرة الخوخ وندفة الثلج والفأر الجائع وبولاد وصاحب علي وياشار وأولدوز والسمكة السوداء وكان الأجمل التعرف على كاتب موهوب نذر نفسه للأطفال،ومؤلفاته تختلف عن بقية المؤلفات التي تخاطب الطفل إذ يقول المؤلف في مقدمة كتابه " أولدوز والغربان": " لقد مضى ذلك الوقت الذي كان فيه أدب الطفل يقتصر على الموعظة وتلقين الأطفال، نصائج جافة في كيفية غسل الأيدي والاستحمام بالماء والصابون... والمحصلة لكل هذا هو ابتعاد الأطفال عن المسائل الحياتية الكبرى التي تمس وجودهم.. لماذا نقول السرقة عادة سيئة؟ لماذا نقول الكذب عادة سيئة لماذا لا نكشف للأطفال عن أصل ومنبع الكذب والسرقة.. نعلم الأطفال الصدق في زمن تكذب فيه العين اليمنى على اليسرى، في زمن الثقة المفقودة حتى بين الأخوان؟"
لقد تجاوزت قصص بهرنجي القصص العادية التي تكتفي بتقديم مجموعة من القواعد والأخلاق على سبيل المثال جاء في حوار الغربان مع الطفلة أولدوز: " إن لم أسرق فسأموت أنا وصغاري من الجوع هذه هي الجريمة يا عزيزتي يجب ان تعرفي أن هذه النصائج الجوفاء لا يمكن أن تمنع من السرقة وطالما ظل الإنسان لا يحب إلا نفسه فستبقى السرقة"
وأما في قصة السمكة الصغيرة السوداء تقول السمكة لأمها: " لا يا أمي، أريد أن أذهب إلى مكان ما، أريد أن اكتشف ما يحدث. إنني أرغب أن أعرف هل الحياة تعني السباحة في مكان صغير ولا شيء سوى ذلك، أو أن هناك سبيلا آخر للحياة في العالم"
نشأ بهرنجي في مدينة تبريز الإيرانية وعاش مع والده وهو يصارع الفقر وبعد الانتهاء من المرحلة الثانوية التحق بمعهد المعلمين ثم بدأ العمل في سلك التدريس حتى نهاية عمره القصير وبقي يعلم الأطفال ويرشدهم ويكتب لهم حكايات جميلة وأول قصة كتبها كانت بعنوان "العادة" سنة 1959 وآخر قصة كانت بعنوان "قشرة البرتقال" نشرها في سنة 1968 وهي السنة نفسها التي توفي فيها غرقا في ظروف غامضة في البحر الأسود وتشير أصابع الاتهام إلى أن مقتله كان بسبب مواقفه وأرائه وهناك وجهة نظر أخرى حول وفاته ويذكر حمزة فراهتي صديق صمد بهرنجي بأنه مات غرقا في نهر آرس- شمال إيران- لأنه كان لا يجيد السباحة ولم يتم اغتياله من قبل الأجهزة الأمنية في عهد الشاه.
وقد حفلت السنوات العشر الأخيرة من حياته بعطاء إبداعي متنوع وعميق وتذكرني نهايته بخاتمة قصته " السمكة الصغيرة السوداء" وعلى الرغم من اختفائها وعدم ظهور أي أثر لها إلا أن سمكة صغيرة حمراء كانت تفكر في القيام بمغامرة شبيهة بمغامرة السمكة السوداء.


بين الأمواج:
" نريد أدبا يقول للطفل أن يكره كل ما يقف أمام تطور الحياة والبشرية"، صمد بهرنجي

الاثنين، 8 نوفمبر 2010

رحلة


يلزمك وقت طويل لتبدأ رحلتك
يلزمك رحلات كثيرة خائبة الأهداف
لتذهب في رحلتك الحقيقية بلا هدف
حراً، متخففا من أثقالك
الدورب في الرحلة كلها مباحة
والفرص متاحة
ومتى شئنا نقابل فيها من شئنا ومن يشاء

رجاء نعمة

الأحد، 7 نوفمبر 2010

اقرأ وأربح



الأخوات والأخوة قراء المدونة، هذه مبادرة جديدة تطلقها مدونة ساعي البريد لجميع عشاق القراءة داخل سلطنة عمان وخارجها.
الهدف من هذه المبادرة تشجيع القراءة والكتابة، ويشرف ساعي البريد أن يفتح أبواب مكتبته المتواضعة وكل من يستعير 5 كتب من المكتبة وينهي قراءتها في فترة زمنية جيدة فإنه يحصل على هدية وهي عبارة عن كتاب ومن الضروري إرجاع الكتب في المواعيد المحددة ويجب أن تكون في حالة جيدة وهناك هدايا أخرى سيقدمها ساعي البريد من خلال هذه المبادرة إن شاء الله تعالى.






الاثنين، 25 أكتوبر 2010

الكتب بين السرقة والإعارة





*أد. محسن خضر

هل تعيد ما استعرته من كتب الآخرين؟
قبل 221 عاما مضت استعار جورج واشنطن أول رئيس أمريكي كتابين هما "خطب ذات شأن عظيم في العلاقات الدولية" والمنأشات البرلمانية"، على أن تتم أعادتهما في الثاني من نوفمبر من العام نفسه إلا أن الكتابين لم يعودا حتى اليوم.
حدث ذلك في عام 1789.
كانت بنيويورك مكتبة وحيدة، ويفرض نظام المكتبة غرامة على التأخير، وتبلغ حجم الغرامة حوالي 14 آلف دولار.
التأخير اكتشف أثناء محاولة إدخال نظام الترقيم الإلكتروني بالمكتبة. تأملت الواقعة ملياً.
السؤال: لماذا لا يعير البعض ما يستعيدونه من كتب الآخرين؟
للمفكر الكبير عباس محمود العقاد عبارة شهيرة ومفارقة:
" غبي من يعير كتابا، والأغبى من يعيده".
كثير ممن أعرفهم من المثقفين يشتكون بأن أصدقائهم لا يعيدون ما استعاره من مكتباتهم (جمال الغيطاني، بهاء طاهر) مثلاً، كما يشبه البعض بأنهم يسطون على مكتبات أصدقائهم ولا يرون عيباً في ذلك، بل ثمة رأي شائع مختلف بين الكثيرين بأن "سرقة الكتب حلال"، وهي مغالطة أخلاقية ومنطقية واضحة.
في تجربتي الخاصة أؤمن بأن تدوير العلم يشابه تدوير المال في المجتمع، سواء من منظور ديني أو من منظور أخلاقي، فاحتجازك أو اقتناؤك لكتاب يفرض عليك التزاما أخلاقيا تجاه الآخرين: تعلما أو اعارة أو اهداءا أو تبرعا، ولذلك فإن مساعدة طلابي في مرحلة البكالوريوس أو الدراسات العليا بالمراجع موقف ثابت، وإن يبدو الأمر شاقا مع جامعة الأعداد الكبيرة مثل جامعة عين شمس، فتظل تحمل عشرات المراجع في كل فصل دراسي ذهابا وعودة ربما بسبب فقر مكتبات الجامعات أو إختفاء بعض المراجع المهمة، أو عدم كفايتها، ولم أسجل في مرة واحدة اسم طالب استعار أحد كتبي، وأحيانا يحدث ألا يعيد البعض المراجع تكاسلاً أو نسياناً، وبين الحين والحين أعيد شراء ما فقد من هذه الكتب.
يرهبني مسألة اكتناز العلم أو الكتب (مع أن شبكة الإنترنت يسرت المسألة نسبيا، وأرى أن على المثقف دورا خصباً ومعيناً تجاه نشر المعرفة في المجتمع، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر عبر تأمين أوعية ومصادر المعرفة..
لا معنى في مجتمعاتنا الأمية أو المسطحة ثقافيا – لمنع إعارة كتب المرء للآخرين، بل لا يملك المثقف الملتزم أن يتجاهل حق الآذى في ما لديه من معرفة، فكراً ووسائط، وأن يد يده إلى مجتمعه بالرأي والنفوذ والإتصال والتغيير.
لا يعيد القراء كتبهم إلى الآخرين أو المكتبات طمعاً أو نسياناً أو تكاسلاً أو أستحلالاً، ولكن يتبقى حقيقة صعوبة وصول شباب القراء إلى الكتاب الجيد والمعقول ثمناً هي مسئولية مجتمعية مستمرة، أعني أن الدولة مسئولة من خلال أجهزة الثقافة والإعلام والتعليم من توفير الكتب وربما ساعد إمكانات المعرفة الرقمية على تيسير نشر الكتب حتى القديم منه، وثمة مبادرات مميزة على المستوى العربي نشر الكتاب المدعم للقراء وخاصة الشباب منه ، منها مشروع "القراءة للجميع" في مصر، وكتاب في جريدة الذي تتبناه اليونسكو بالتعاون مع صحف عربية، بالإضافة إلى سلسلة عالم المعرفة" الكويتية الناجحة، كما بدأت بعض المجلات الشهرية (دبي الثقافية، الرافد، الثقافة الجديدة، المجلة العربية) في إهداء كتاب مع كل عدد من المجلة..
عن نفسي فأنا ذلك الغبي الذي عناه العقاد الذي يعير كتبه، والأغبى منه، أنا أيضا الذي يعيد كتب الآخرين لأنها مكرمة أخلاقية.
يا ترى، أكان الرئيس جيفرسون ناسيا أو متناسيا عندما لم يعد كتب مكتبة نيويورك قبل قرنين أو أكثر من الرقابة؟.

*أستاذ بجامعة عين شمس
المصدر نشرة المسار العدد رقم 194

السبت، 23 أكتوبر 2010

ما أراه ليس ما أراه






"وسط ضجيج الصور المتناثرة لتشكل مشاهد أكثر تشتتا ركام من الأوراق وحبر يظل ينزف وينزف وينزف حد النهايات رعب من صراخ الصورة وخوف من عدسة المجهول..." هكذا جاء على غلاف كتاب " دراسات في التصوير" للدكتور عبد المنعم الحسني من قسم الإعلام بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية في الجامعة وقد صدر ضمن سلسلة إصدارات "كتاب نزوى".
بعد الغلاف تستقبل القارئ كلمات فرانز كلين: " ما أراه ليس ما أراه، إنما هي الأحاسيس التي تستثار في داخلي من خلال ما أرى وتلك هي أصورها"
قبل استعراض محتويات الكتاب في المقدمة يشير المؤلف بأن المكتبة العالمية والعربية ما تزال تعاني من نقص شديد في المرجعيات المتعلقة بدراسة التصوير الضوئي ونقده وتحليله. من هنا يأتي هذا الكتاب ليتدارس مجموعة من القضايا المتعلقة بالتصوير الضوئي.
ويضم الكتاب مجموعة من الدراسات التي كتبت في مراحل زمنية مختلفة تحتفي في مجملها بالصورة الضوئية وتحاول أن تقدم قراءات تحليلية نقدية في هذا المجال وهو عبارة عن ثمان دراسات وحوارين.
الدراسة الأولى بعنوان " التصوير الضوئي"، والثانية بعنوان " التصوير بين العدسة والفرشاة" وأما الثالثة فتتناول " الأثر الفني بين الفنان والمتلقي" وفي الدراسة الرابعة يتطرق المؤلف إلى " قراءة الصورة الضوئية.. تحليل سميوطيقي" وبالنسبة للدراسة الخامسة فتتناول " الصورة الصحفية.. بين الثقافة والإيديولوجيا"، وعنوان الدراسة السادسة " الفن والإسلام.. والبحث عن أرضية مشتركة"" وجاءت الدراسة السابعة بعنوان " الفوتوغرافيا العمانية 1970-2009م" والدراسة الثامنة والخيرة فهي تتعلق " بالفوتوغرافيا المفاهيمية" أو فن الفكر كما يطلق عليه البعض.
يضم الكتاب حواراً بين المؤلف والمصور العالمي يوجين جونسون من خلال رؤيته الفنية في مجال التصوير الضوئي وعلاقته بهذا الفن وعلاقة الفنون بالمجتمعات ووجهة نظره حول التصوير الضوئي في السلطنة.
أما الجزء الأخير من هذه الكتاب فهو رؤية المؤلف وتجربته في مجال التصوير الضوئي وهذا الجزء في الأصل عبارة عن حوار تم إجراؤه مع المؤلف ونشر في إحدى الصحف المحلية.









معبر أزرق برائحة اليانسون (سلطة الأشياء وخفوت الإنسان)



في ندوة بنادي دار العلوم





أقيمت الخميس الماضي ندوة بنادي دار العلوم حول رواية "معبر أزرق برائحة اليانسون" للكاتبة ياسمين مجدي، تحدث فيها كل من د.محمود الضبع، ود.حسام جايل، وأدار الندوة الناقد أحمد حسن.
تحدث في البداية د.حسام جايل عن عالم الرواية، الذي يدور في محطة المترو، ليبدو قطار المترو نفسه كرمز للحياة في تحركها وفي رحلة الصعود والهبوط. وأشار جايل إلى أن الكاتبة قدمت هذا العالم عبر بطل رواية ذكر، مما عكس قدرتها على النفاذ والكتابة من زاوية رجل، ليتسم العمل بجرأة مغلفة بحياء الأنثى، بالإضافة لاعتمادها فكرة جماليات القبح من رائحة العرق وزحام الموسكي. أما عن اللغة فقال جايل أن اللغة مجنحة وشعرية،وبسيطة، وأن الكاتبة استطاعت نحت لغة تخصها.
وفي كلمته أكد د.محمود الضبع أنه قدم قراءة نقدية لرواية "معبر أزرق برائحة اليانسون" في سياق دراسة يقوم بها حاليًا لتحديد ملامح الرواية العربية الجديدة. وأوضح الضبع أن الرواية تحكي عن مجموعة من القابعين تحت الأرض، وكيف أن أحلامهم لا تعبر هذه المساحة، رغم محاولاتهم للبحث عن ذاتهم طوال الوقت، فالأبطال يقدموا حكاياتهم العادية، التي لا تحمل أي بطولات، لكنها في الوقت نفسه تحمل مشكلة العالم ومشاكل تمس عالمهم النفسي والجسدي سواء كمسيحيين أو كمسلمين. وعن الأسلوب ذكر الضبع أن مستوى الخطاب تعدد في الرواية، كما أن الكاتبة لم تكتف بالسرد الروائي، واستعانت ببعض الصور والرسوم وإعلانات الجرائد ووظفتها داخل بنية الرواية، بما يحيل إلى إمكانية انفتاح الرواية على رسائل أخرى إلى جوار رسائل السرد.
أما الناقد أحمد حسن فتحدث عن بيئة صراف التذاكر في المترو، تلك البيئة الزجاجية التي تؤثث لرؤية العالم، فتصنع إحساس العاجز. وأشار حسن إلى أن الرواية تؤكد على سلطة الأشياء، حيث يصبح للأشياء سلطتها على الإنسان الهامش، وطبيعي أن ينزوي الإنسان المقهور والمقموع لتمارس الأشياء دور الفاعلية، فيصبح لها حضور في مقابل خفوت الإنسان. فيعترف البطل في أحد الأجزاء أن الملابس هي التي تحمله إلى عمله. وعن الخيال ذكر حسن أن الصور والاستعارات ليست مجانية بل موظفة لخدمة البنية الشخصية السردية في النص.
في النهاية تحدثت ياسمين مجدي عن جانب توثيقي لتجربة كتابتها لهذه الرواية، وكيف أنها ذهبت في رحلات للعتبة من أجل البحث عن منزل البطل، وأنها اصطحبت البطل معها في داخلها، وأشارت ياسمين أنها عاشت سنة كاملة مع هذه الشخصيات، فكانت تركب المترو في رحلات شبه يومية طويلة وتعود المنزل لتستمع لصوت المترو المسجل، فتشعر أنها عالقة في هذا العالم، وكل تلك الأشياء تسبب وجع كبير للكاتب، حتى أنها اعترتها بعض الهواجس والخوف أثناء الكتابة من البطل نفسه

«دفقات» للظفري.. تأمل في الحب والحياة





في البداية تعاملت مع قراءة مجموعة «دفقات» للشاعر العماني سعيد الظفري، وكأنها للتعرف على تجربة بسيطة، ولكن القراءة أخذت مجرى غير ذلك، فالقصائد أثارت بي حماساً وانفعالاً محرضاً على تلمّس الجدية، والجدة التي ميزت بعض القصائد... فإذا بي أمام تداخل طقسي ملحمي وخطابي غنائي ووجداني صوفي، مفعم باستحضار روحي مدروس، وعمدي لعناصر زادت غزارة الشعرية من الأسطورة، ورمزيات المكان والشخوص التي امتزجت بالشخصي، فرفعت هذا الشخصي إلى حوارية العام الملحق بتفاصيل لكينونات، أعطت لتجليات الحياة بعدها التأزمي المأساوي، مختلطاً بفرح ذلك العارف لمكنونات الألغاز: الشاعر.
قصائد «التغيّر» و«عندما يسقط المهد» و«تمرّد» و«عندما ننكر الأمواج» و«طفولة الأصيل»، هي أسّ المجموعة، وهي افترشت حكائيتها كموضوع شعري. ولقد تماهى هذا الموضوع بتوهّج درامي، ترك للمعنى حرية التعدد والغموض والوضوح، وحتى الاختفاء. وحَسْبُ كل جملة محمّلة بخاصيات تكشف جوهر القول الشعري، ما جعل كل قصيدة تنتهي إلى وحدتها المضمونية، في تحوّلات سياق منتظم بتأطير صوري، وصيروراته تتسلسل وفق نباهة شاعرية، تقصد الوصول إلى غاياتها المعرفية لتعكس الثقافي بالشعري في مضمون يتناغم معنوياً:


وأرى قابيل يناديني


في من تخطب يا هذا؟!


في الدنيا آدم أو حواء


وأخي هابيل المجنون


والكلّ جميعاً قد رحلوا


وكلامك ما عرفوا


هذيان يطلب شرعية


والعالم يقضي بالإعدام


فهنيئاً يا مزن


ويقول في قصيدة «نواح على قيثارة دينار الراوي»:


في عمق سكونك


ما عدتَ تجرّ بكحل العينين جيوش الحاضرة الحبلى


وشموخ إهابك سوف يُصاغ


لم يدروا أنك قدّمت لهم مأساتك


كي يتوكأها مجدٌ بالأمس أضاعوه


القول الحكائي الشعري يدور حول اضطهاد المجتمع لانتماء الرجل الحرّ إلى روح هذا العصر، فالقصاص اليومي حدث متكرر، والشاعر هو ذلك الرجل الحرّ الذي يخترق أسوار الممنوع أو الخطوط الحمراء التي هي حدود العرف والعادات التي تمثّل النظام العام الاجتماعي.
إن واقعاً من الانغلاق والظلامية الطاغية، يسدّ على الشاعر باب وعي تحوّلات الحياة، فهو على الرغم من تأكيد انتمائه للمجتمع متهم ومشكوك بأمره، وأية مناداة له بالتغيّر، تعني الخروج، وتعني مقامرة تستحق مواجهتها، هنا يستنجد الشاعر بالحب وبِجَيَشانِ أحاسيسه الرقيقة، ليعوّض أولاً، وليؤكد على بدائل آنية، فيضفي على قصائده رومانسية وسيولة أحلام، تطغى أحياناً فتبدو القصائد غنائيات للحب وللحرية معاً:


لا تلومي مصبراً في نهار يتعثر


لو تأملت قليلاً


جلّ من في الأرض يسعى نحو لذه


يتمسك الشاعر بمكابرة الواثق بنفسه في تحدّي النقائض المتصارعة في المجتمع، فاضحاً ذلك السوء الذي جعل الحقيقة السوداء، تحلّ محلّ السياق الطبيعي لعدالة سماوية، أرضية كما يراها الشاعر وهو يمارس حضوره البطولي.
وعلى أية حال تقف مجموعة «دفقات» الصادرة عن وزارة التراث والثقافة العمانية لتضيف للشعر العماني زهواً ما، ولو أن الشاعر اهتم قليلاً بقضية الشعر الشكلية، لقدّم ديواناً شعرياً في غاية التألق الشكلي والموضوعي معاً.





أمير سماوي






الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010

إعادة ترتيب الكتب ومؤلفيها على الرفوف


كان عليّ أن أسحب كل هذه الكتب من عشرات الصناديق الكرتونية، وأعيد ترتيبها وصفّها على أرفف المكتبة الخشبية الضخمة. كتب قضيت أكثر من 25 سنة في اقتنائها نسخة نسخة. مئات الكتب انتقيتها للإحتفاظ بها دون مئات أخرى إما تخلصت منها من فور وصولها إليّ، وإما خسرتها سرقة وتلفاً وضياعاً. كتب قرأتها مرة واحدة أو لم أفتح صفحتها الأولى بعد أو لم أكمل مطالعتها حتى النهاية أو قرأتها لأكثر من مرة واحدة، بل وكتب نسيت إن كنت قرأتها أم لا. كتب تحمل تواقيع إهداء من مؤلفيها وكتب سرقتها من أصحابها وكتب اشتريتها مستعملة، وكتب وصلتني من دور النشر مجاناً، وكتب دفعت ثمنها بحبور وأنا أختارها من أجنحة معارض الكتب.

هذه هي المرة التاسعة منذ العام 1991 التي اضطر فيها لتوضيب مكتبتي لأنتقل إلى بيت جديد، حيث علي أن أعيد توزيعها كتاباً كتاباً على الأرفف الكثيرة والعميقة التي تتسع لصفين من الكتب في داخلها. ويحدث أن أنظّمها باستمرار وفق موضوعاتها، فدوماً أضع كتب الشعر العربي سوية متضامنة متخاصرة، وعلى حدة أضع كتب الشعر المترجم عن اللغات الأجنبية. هذا التقسيم نفسه أتبعه مع الروايات، إذ يتراءى لي أنه لا يجوز الخلط بين الروايات المصرية والروايات اليابانية مثلاً، مثلما لا يجوز أن أضع سرفانتس وكونديرا مع محمد مهدي الجواهري، فذلك سيلخبط طريقة تفكيري بالأدب، وسأبدو للناظر إلى مكتبتي أني فوضوي أو غير قادر نقدياً على التمييز بين أنواع القراءات.
لكن حين تكون الكتب في الكرتونة تحدث مجاورات مدهشة فيما بينها، كأن أجد "رجوع الشيخ إلى صباه" مع كتاب عن الغزالي، أو رواية "الجريمة والعقاب" لدوستويفسكي مع "أيام القتل العادي" لوضاح شرارة، أو كتاب نيتشه "ما وراء الخير والشر" وتحته كتاب عن صدام حسين. وأجمل تلك المصادفات وقوع كتاب لمحمود درويش فوق رواية عاموس أوز. وفي هذه المجاورات واللقاءات أنتبه إلى أن قراءاتنا "المنهجية" قد تكون خطأً فادحاً، وأن الكتب تستطيع أن تقترح علينا ما لا نهاية له من منهجيات القراءة والقرابة بين أنواع الكتابة والأفكار. وربما يجب ترك الكتب هكذا تختار بعضها البعض، أن تختلط كما الناس على أرصفة المدن في "فوضى" لا تشبه إلا الحياة نفسها، وتتعارك على الصدارة والإصطفاف، متنازعة ومتصالحة كما في العيش نفسه.
مكتبتي العميقة السميكة تستوعب في كل رف صفاً داخلياً وصفاً خارجياً، وإذ اضطر كل بضع سنوات إلى إعادة ترتيبها مع كل تبديل في السكن، أكتشف في كل مرة أنني غيّرت كثيراً في تلك التي أختارها بارزة وتلك التي ستقبع في الخلف غير مرئية. يحدث الإختلاف هذا في كل مواضع وخانات المكتبة، تلك الرفوف السياسية، وتلك الرفوف المختصة بشؤون الإسلام والتراث وهذه المخصصة للمؤلفات الفلسفية والأفكار والعلوم الإجتماعية والتاريخ...إلخ. ذلك أن بعض الكتب تصيبها الشيخوخة المبكرة، أو تصاب بمرض الشلل الفكري، أو تصير باطلة المحتوى، وبعضها يكون موضة رائجة ويصبح فجأة بائخاً وعتيق الطراز، وأخطرها تلك الموميائية التي لا تتحلل رغم موتها، وأسوأها تلك الرديئة التي لها رغم ذلك سطوة وجدانية وثقافية تردعنا عن رميها. لكن على الأغلب ثمة الكثير منها يصير ضحية ضيق المكان فاضطر إلى وضعها في الخلف بكثير من التردد والحسرة. القليل منها فقط ما وضعته في الخلف بسرور لا لأنها ضعيفة القيمة بل لأني بت أمقت مؤلفها مثلاً، فيذهب الكتاب متقهقراً ضحية تعسف الأهواء الشخصية.
ثم أنني في كل مرة أعاود إختراع تقسيم جديد من مثل ذاك الرف المستحدث منذ العام 2005 والمخصص فقط للبنان، إذ ما عدت أطيق وضع الكتب التي تتناول لبنان مع تلك التي تتناول بلداناً عربية أخرى. ما عدت أحتمل كتاباً عن لبنان بجوار كتاب عن أزمة الشرق الأوسط. أعرف أن هذا ليس ترتيباً منطقياً، إنه "مزاج" سياسي فحسب.
على هذا المنوال أشعر أن علاقتي بالكتب تخضع للتبدل والتحول، علاقة حب وكراهية، إنجذاب ونفور، وتقلبات عاطفية ودهشات فكرية وذاكرة مخادعة، مثلما يحدث إذ نسمع أغنية فتنبثق ذكرى قديمة كحلم يقظة. فها إني أمسك مجلدات "الدون الهادئ" فتندلع في رأسي الرياح الجليدية وجحافل الفرسان القوزاق والسهوب الروسية.. ها هو "جاروميل" شاعر كونديرا بجوار حبيبته الحمراء اللون، الذي جعلني أخجل من صفة "الشاعر". هذا كتاب ميشال شيحا الذي قرأته مطلع التسعينات مستهدياً إلى وعي جديد سيلازمني حتى اليوم، متذكراً معه قراءاتي لأحمد بيضون وسمير قصير والخطاب الشهير للأب سليم عبو.
ها أني أجمع مجموعات بسام حجار الشعرية، متذكراً خط يده المرتعش، جلسته اليومية قبالتي في المكتب، ضحكته الصريحة التي لا يعرفها سوى المقربون، ثم أني أضع معها كل "رواياته" الفرنسية واليابانية، فلا أعود أعرف إن كانت كتب بيسوا من تأليفه أم أن بسام حجار إخترعها لنا، أو أن رهافة كاواباتا هي من صنعه أم هي في ترجمة بسام فقط؟ ثم هذا الشاعر المتوحش محمد الماغوط الذي أحرص كل مرة على وضع مجلده القديم (منشورات دار العودة) لوحده بارزاً فوق كل كتب الشعراء الذين من جيله، كإعلان لا لبس فيه عن إنحيازي له دون الآخرين.
بالحرص نفسه أجمع كل مجموعات سركون بولص وعباس بيضون سوية كتوأم شعري لا أحد يتبين توأمتهما سواي، كذلك ريتسوس وكفافي اليونانيين. وأنتبه إلى كل الكتيبات الشعرية التي ترجمها سعدي يوسف، وأحتار هل محبتي لهذا الشاعر العراقي اللندني متأتية من شعره أم من شخصيته الجذابة الملهمة أم من إختياراته في الترجمة الشعرية؟ الكتب لها خاصية إجتماعية، أقول وأنا أرتب دواوين محمود درويش، متقصداً وضعها هذه المرة بجوار كتب شعراء موتى سبقوه (نزار قباني، صلاح عبد الصبور، عبد الوهاب البياتي، بدر شاكر السياب..).
في كل مرة أتعجب من كتب موجودة من غير درايتي بها، مجهولة أو منسية، أو أتت بطريقة غامضة وصمدت إزاء كل "جردة" تصفية. كتب تعيش في عزلة وكتب أغمرها بالود، وأخرى أودّ أن يرثها مني إبني، الذي أهديته أمس "العجوز الذي كان يقرأ الروايات الغرامية".
طوال 25 سنة ظننت أني أختار كتب وأشتريها، غير منتبه إنها هي التي اختارتني، وظننت أني كوّنتها لكنها هي التي كوّنتني، وظننت أن المكتبة بكتبها هي لمؤلفيها، لكنها بالأحرى هي من تأليفي وهي في الوقت نفسه التي صنعتني.

يوسف بزي
شاعر وكاتب لبناني، بيروت
ybazzi@almustaqbal.com.lb


المصدر موقع كيكا


فلنصنع ذواتنا ومستقبلنا عبر القراءة



يغذي الماء ومختلف أنواع الأطعمة أبدان الناس والقراءة غذاء العقل والروح والوجدان، ويصعب الفصل بين الإبداع والقراءة والتثقيف الذاتي وسعة الأفق، وتبيّن سير عظماء العالم أنهم كانوا منذ الصغر قراء نهمين، وتعشق الدكتور مريم الوشاحي القراءة منذ نعومة أظفارها وتتمنى أن يقبل جميع طلابها وطالباتها على القراءة ليصنعوا ذواتهم ومستقبلهم والقراءة لا ترتبط بالمقررات والمواد الدراسية فقط وإنما هي أكثر من ذلك هي مصباح أو عامود إنارة يرشد كل شخص إلى الطريق الذي يناسبه أو يلائمه، وتشعر الدكتورة مريم بالحزن لأن أمة اقرأ لا تقرأ، المسار تقلب بعض الصفحات من أوراق شجرة غرست في بستان القراءة والتفوق فإلى التفاصيل.
موقف بسيط

تعمل الدكتورة مريم بنت أحمد بن سالم الوشاحي أستاذا مساعدا بقسم تكنولوجيا التعليم والتعلم في كلية التربية وهي من مواليد 22 أبريل 1975 وعاشت طفولة سعيدة وهادئة في ولاية شناص وتقع في أقصى الشمال من سهل الباطنة لذا تعرف ب"ثغر الباطنة" ، عاشت الدكتورة مريم في المنزل نفسه ودرست في المدرسة نفسها جميع المراحل الدراسية وترتيبها الخامس في عائلة مكونة من 5 إناث و3 ذكور. من أجمل ذكريات الطفولة الجري تحت الشمس في حواري قرية "العقر" فهو بالنسبة لها يعني الانطلاق والحرية وبراءة الطفولة وأيضا الأمان إذ لم يكن هناك ما يدعو للخوف والقلق. حدث لها موقف بسيط عندما كانت طالبة في الصف الثاني الابتدائي وترك ذلك الموقف أثرا كبيرا في حياتها وقد طلب منها إعادة كتابة نصف الكتاب المدرسي كواجب أثناء إجازة الربيع ولم كين هذا الواجب ممتعا لطفل في الصف الثاني الابتدائي وكانت تقوم بتأجيله كل يوم وانتهت الإجازة وبعد معاناة اعترفت لأختها الكبيرة وطلبت منها كتابة نصف الواجب على أن تقوم هي بكتابة النصف الثاني فرفضت الأخت الكبيرة بشدة وذهبت إلى المدرسة وواجهت مصيرها وتلقت العقاب وقد تعلمت من هذا الموقف بأن كل إنسان مسؤول عن نفسه وأفعاله ولا يجوز له أن يلقي اللوم على الآخرين في حالة خطأ ارتكبه هو ويستفزها كثيرا الشخص الذي يخطأ ويحاول الهروب أو التملص من خطأه وتبعات هذا الخطأ.

ماذا ينقصكم؟

كان ترتيبها الأول من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية وقد ذكرت الدكتورة مريم بأنه لم يكن يسمح لها ولجميع أخوانها وأخواتها أن يكونوا في مراتب أقل من المرتبة الأولى وكان سؤال الوالد دائما: "ماذا ينقصكم لتكونوا في المرتبة الأولى؟"
للوالد العزيز مكانته والكل يحترمه ويهابه حتى أثناء غيابه الطويل لمدة 3 أشهر بسبب ظروف عمله بالسلك العسكري في دولة الإمارات العربية المتحدة وكنا نحترم وصيته ومن أجمل الأشياء التي غرسها فينا مساعدة بعضنا البعض وتحمل كل طفل مسؤولية الذي يليه أو يصغره، وبالرغم من غيابه إلا أنه كان حريصا على إرسال الصحف لنا وكذلك الكتب ومكافأة النجاح تمثلت في رحلة إلى إحدى المكتبات الكبيرة وشراء الكتب ومع إن الوالدة لم تكن متعلمة إلا أنها كانت تشجعنا على المذاكرة وتحاول توفير الأجواء المناسبة في البيت قد تحملت الكثير من المسئوليات والأعباء.

الجودة أولا

حافظت الدكتورة مريم على مركزها الأول بعد التحاقها بالجامعة وحصولها على نسبه 97م وهي نسبة تضعها أمام خيارات كثيرة ولم ترغب في الطب والعلوم واختارت كلية التربية وتخصصت في مجال الفيزياء وتخرجت من الكلية سنة 1997م ولكونها الأولى على الدفعة تم تعيينها ضمن تخصص تكنولوجيا التعليم والتعلم وفي السنة نفسها تخرج أخوها يوسف من كلية الطب والعلوم الصحبة وعمل في مستشفى الجامعة، في سنة 1998 سافرت إلى المملكة المتحدة ودرست الماجستير في جامعة ليدز وعادت في سنة 1999م وفي نهاية 2002م سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية ودرست الدكتوراه في جامعة أوهايو وعادت إلى السلطنة سنة 2007م، وأشارت الدكتور مريم بان الدكتوراه كانت حول التطوير المهني للمعلم الجامعي في مجال تكنولوجيا التعليم وتعلمت أشياء جديدة أثناء الدراسة منها أن المنافسة ليست في الكم والحصول على التفوق وإنما الجودة هي الأهم وخاصة في العمل كذلك لا تلغي المنافسة التعاون والدعم وكان الطلاب يشكلون فرق دعم وتعاون دراسي واجتماعي.

صائدة الجواسيس

قامت جريدة الخليج بنشر رواية "صائدة الجواسيس" على عدة حلقات وهي رواية قالبها خيالي وعلمي وقد تابعت فصولها الدكتورة مريم ولا يمكنها نسيان هذه الرواية لأنها تتناول الكثير من المصطلحات السياسية بشكل سهل ومبسط وساعدتها هذه الرواية على دخول عالم الكبار وفهم الأحاديث والنقاشات التي تدور في مجالسهم، وتتمنى الدكتورة مريم الالتقاء وجها لوجه بمؤلف كتاب "رحلة السندباد" تيم جيفرسون ويذهلها كثيرا طريقة عرض ووصف الرحلة التي قام بها المؤلف بالإضافة إلى احترامه وثقته بالبحارة والذين يتمتعون بمهنية عالية وهناك وصف للأهوال والمخاطر التي تعرضوا لها، وإهداء الكتب بالنسبة للدكتور مريم حياة جديدة للكتاب ومتعة كبيرة وخاصة الكتب التي تحبها وقد قامت بإهداء نسخ من رواية "الزهير" للروائي العالمي باولو كويلو والكتاب أمانة ويجب أن يصل إلى القراء الذين يستحقونه وقد شعرت بسعادة كبيرة عندما زارت إحدى الطالبات مكتبها وطلبت منها النصيحة وسألتها الطالبة: كيف لي أن أجد من يشاركني قراءة الكتب التي أحبها؟

مرايا بلاد العجائب

أثارت مجموعة من المرايا ذات الأحجام المختلفة والشكل الدائري والمعلقة في مكتب الدكتورة مريم فضول المسار فسألتها عنها وذكرت الدكتورة بأنها قامت بشرائها ولها طريقة معينة في الترتيب والتنسيق إلا أنها قامت بتوزيعها بطريقتها الخاصة وبشكل عشوائي فأحيانا العشوائية والفوضى تمنح الترتيب والنظام حياة من نوع آخر ولا تسمح الدكتورة مريم لأي زائر بلمس هذه المرايا أو محاولة إعادة ترتيبها فمكتبها هو مملكتها الخاصة بها وترغب في جلب أشياء جديدة لاستقطاب فضول الزوار والمرايا برأيها تحكي لكل إنسان قصته مثل المرايا في قصة " أليس في بلاد العجائب" للكاتب وعالم الرياضيات والمصور الفوتوغرافي الإنجليزي لويس كارول، وفي داخل كل منا " أليس".

روح الجامعة

تختتم الدكتور مريم بنت أحمد الوشاحي حديثها مؤكدة بأن الطالب هو روح هذه الجامعة وأساسها ولابد من تكاتف جميع الهيئات في الجامعة من أكاديمية وإدارية وفنية للارتقاء بالعملية التعليمية وتطوير الطالب الجامعي.



الثلاثاء، 12 أكتوبر 2010

صبا الصوت


أخبرني عن هذا المشروع الصديق يونس الحراصي ويهدف لأن يكون أضخم مشروع لإنتاج المحتوى العربي الثقافي ووضعه في صيغة رقمية تسجيلية سواءً ككتابٍ مسموع, أو كبرمجيات تثقيفية وتعليمية, أو كتوثيق صوتي ومرئي, ونشر ذلك كله في الأسواق العربية والعالمية بهدفِ الوصولِ باللغة العربية, والمكتبةِ العربية, إلى مواكبةٍ مُلائمةٍ لعصرنا الحديث.
والمزيد تجدونه في هذا الرابط:

الاثنين، 11 أكتوبر 2010

النسخة السابعة لمعرض الكتب المستعملة


بدأت صباح اليوم بجامعة السلطان قابوس فعاليات المعرض السابع للكتب المستعملة تحت رعاية الدكتور سعيد بن علي اليحيائي نائب الرئيس للشؤون الأكاديمية وخدمة المجتمع وذلك في قاعة المعارض بالجامعة.

وحول المعرض ذكر الدكتور سعيد بن علي اليحيائي: المعرض يقام للمرة السابعة وأرى بأن فكرة هذا المعرض ناجحة وأزكيها لمردودها الإيجابي على الطلبة والأكاديميين بالإضافة إلى الاستخدام الأمثل للكتاب وأتمنى الاستمرار لهذه الفعالية مع استفادة الجميع منها.
وقام بتنظيم المعرض دائرة المشتريات بالجامعة وقد ذكر معمر بن عبد الرحيم بن عيسى الميمني رئيس اللجنة التنظيمية للمعرض ورئيس قسم الكتب الدراسية بأن المعرض يشتمل على 24 ألف كتاب منها 8 آلاف كتاب باللغة العربية و16 ألف كتاب باللغة الإنجليزية ويبلغ عدد العناوين 380 عنوان منها 160 عنوان باللغة العربية و220 عنوان باللغة الإنجليزية.
وأضاف الميمني بأن اليوم مخصص للطالبات وبالعادة يقام المعرض لمدة 5 أيام ولكن الوضع يختلف هذا العام كما إن أبواب المعرض مفتوحة يومي الخميس والجمعة، وكتب المعرض دراسية وعلمية وهي تمثل كليات الجامعة التسعة بالإضافة إلى مركز اللغات وكتب كلية الحقوق تعرض لأول مرة في الحرم الجامعي وتم ترتيب وتنظيم الكتب حسب كليات الجامعة وتخصصاتها ولتسهيل عملية الشراء والدفع وتجنبا للزحام تم تخصيص ثلاث أماكن للدفع مع حجز مجموعة من النسخ للطالبات.
الجدير بالذكر أن المعرض يستمر حتى الثامن عشر من أكتوبر الجاري.







الثلاثاء، 5 أكتوبر 2010

أدب الومضات الجدارية


بحث ودراسة:

الشاعرة خيرة خلف الله - من تونس
والكاتب عبد اللطيف المنيّر- من سوريا

مع التواتر نسق الحياتي السريع، وانتشار المعلومة اللحظية الناتجة عن ثورة البرمجيات تقارب العالم وناسه، وتلاقحت أفكاره بثقافة الآخرين، وأفرزت شكلا ثقافيا معاصراً نتيجة التداخل الحضاري. وأصبح العالم في تقاربه أصغر من قرية صغيرة. هذا النتاج الجديد لم يكن مألوفا لدينا، لكنه تزامني مع هذه الحياة السريعة، وشمل واثرعلى معظم سلوكيات الفرد في المجتمع ومنها الفنون والأدب، وحتى على نمطية التفكير لديه.
فمثلا في الموسيقى، ومنها الراب هذا التوقيع السريع الذي تنتهي اواخر كلماته بقافية ثابتة لا تحتاج ممن يؤديها أن يكون موسيقيا او فناناً، أو ملحناً، سوى أن يعرف كيف يتحكم بلوحة المفاتيح للآلة الموسسيقية الرقمية المبرمجة لحنياً، ويبدأ بالغناء السريع. كذلك التصوير والرسم الرقمي، لم يعد يحتاج أن تكون فناناً بقدر ماتكون بحاجة لمعرفة بعض البرامج الحاسوبية التي تخص هذا النوع من الأداء !
ولم يكن الأدب ببعيد عن هذه الثورة، بل أصبح وبفعل مواقع التواصل الإجتماعي على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) ومنها الفيس بووك، حياة بشر وقبائل وأمم لهم أخبارهم ورسائلهم وأدبهم وفنونهم، ولهم خصائصهم وفعاليّتهم. وما يخصنا هنا وفي بحثنا هذا، موضوع أدب الجداريات على الفيس البووك والذي سنسميه هنا أدب الومضة الجدارية، أو كما يعرّف سابقاً "الخاطرة" أو كما قيل: خربشات على الحائط في الشوارع العامة !
فقد تقرأ نصاً على جدار الفيس بووك لأحد الشعراء من عشرة كلمات، فتكون أمام قصة متكاملة الشروط من مقدمة وعقدة ونهاية، هذا الكم المختزل في عشرة كلمات تقريبا والمضغوط بصورة جميلة، وأحيانا تكون ايقونات رائعة في الجمالية الشعرية.
ومن خلال متابعتنا لبعض الشاعرات والشعراء والكتّاب وأكثرهم من جيل الشباب، الذين يكتبون هذا النص الوامض، توجهنا بسؤالين لهم:


- هل لكم أن تعطونا فكرة سريعة عن اللحظات التي تسبق هذا النوع من الكتابة وعن شعوركم قبل كتابة هذه الومضه الأدبية علي جدارية الفيس بووك؟


- والسؤال الثاني: ماذا تريدون من هذه الومضة، هل هي تفريغ شحنة نفسية لكم تودون من خلالها النفاذ إلى القارىء، ام شي آخر؟


اجابت الصحافية الشابة احسان الفقية من الأردن:


"اشعر بضجيج في رأسي، افتح مربع او مستطيل أحرّك اصابعي في الهواء مثل الذي يهمّ بعزف على آلة البيانو، مثلا الكلمة الأولى مهمة او العبارة الاولى وبعدها يتدفق الكلام، لا أعود لترتيب شيء، فقط اتأكد من الأخطاء المطبعية هناك، وفي الإملاء اخطئ طبعا احيانا ولكن اقل من غيري.
وتضيف احسان الفقية قائلة: "الومضة لها علاقة بالليلة السابقة وبمزاجي الحالي، نعم هي عبارة عن تفريغ شحنة نفسية وبصراحة أشعر بالارتياح وبنوع من اللذة وبدماء تتدفق الى قلبي كلما كتب احدهم تعليقا سواء اعجب بي ام لم يعجب، المهم ان هناك قراء تتلمسهم، وتتذوقهم، وتشعر انهم معك يقرأونك الآن"


نماذج من ومضات احسان الفقية:


من قال أني أمقت الملك او أنقم على الأغنياء ؟ قد لا أحبّ الأول ولكني لا أكرهه، ولا أظنّ أن هناك نص قانونيٌّ يجرّمُني إن لم أُصفّق له أو أفتح فمي بدهشة حين أراه كالبلهاء، او إن لم أتخشّب في مكاني عندما أرى سياراتٍ حمقاء تكاد تسحقني ذات موكب خاص به او بعائلته او معاونيه، نقمتي على الأغنياء لاعلاقة لها بما ورثوا عن آبائهم فقد ...
وفي عينة من ومضات غادة مخّول صليبا وهي كاتبة من لبنان ولها مقال أسبوعي تحت عنوان “قهوة من كلمات”، في مجلة “المرأة اليوم”، التي تصدر من أبوظبي عن العربية للصحافة والإعلام، ويقوم على تحريرها أعلام من الفكر والإعلام. تقول عن ومضاتها:


"هذه الومضات هي إما فكرة مسبقة تأتيني وأنا في حالة ما، مع كتاب أو في مكان ما، أو حتى عند سماع أغنية، هناك شيء يلهمني لأكتب، ربما كلمة أو جملة وحتى لحن فريد يحرك الإحساس ويعطي الراحة النفسية لدافع الكتابة. كما هي أيضاً تعبير سريع عن خيال ما، أخلقه في أي حالة أعيشها لربما حزن أو فرح أو قلق، لأن جدار الفيس بووك يساعدنا أن نتشارك ما نشعر به مع الآخرين، هذا ويشعرنا بالراحة لتفريغ ما هو لم يكتب على ورق. التواصل مع الآخرين عبر ما نكتبه هو دليل أن الكلمة وصلت لقلب أو فكر القارئ، ربما عبرت عن نفسه أيضاً أو عن أي حالة يعيشها. كما هي أيضاً كتابات تلهمنا لأن نكتب نصاً كاملاً وهي تكون كفكرة أو إحساس يساعد في الانطلاق."


وهذه نماذج مما تكتبه غادة مخّول صليبا على جدارها في الفيس بووك:


هــو.. ليس له مكان أو زمان، رجـل من عصر لم يأتِ بعد، يـُرمـم حلمـي وينـام في إحساسي، يتشبّث الصحـو في رائحـة قهـوتـي الداكنـة واللذيـذة بمـرارتـها، أرتشفـه ببـطء ولا أعرفـه، متسائلة مع النسيـم: هل سيبقـى الغـائب المتكلم في اللازوردِ؟.. أنــــا.. حـقــاً أهديـه وردتـي !


أما الشاعرة المخضرمة ضحى بوترعة، عضو اتحات الكتّاب ومدرسة لغة عربية وفرنسية من تونس، كتبت على جداريتها:
تولد فيّ الف مرة، لأنّ انتباه الذاكرة غيمة قرب الندى. ومعجزة الارتطام فوق سقف عاشقة لا تتوب !
وعلى أسئلتنا اجابت:


"القصيدة الومضة ربما تحاول عبر اختزالها شكل من اشكال التقدم الهروبي، التخلص من توتر ملح جدا .. لابد ان يظهر ...او ينتهي.. وتعتمد على ثقافة المتلقي الشعرية. فلابد للشعر ان يكون نخبوي و إلا صار كلاما عاديا. الشعر الآن يخرج من الذاتية المغلقة ... الومضة هي كالبرق تماما ...تضئ العالم فتكشف وبسرعة ايضا العتمة ثم تعتمد على قوة الانتباه ... "


لكن بلال سلامة الشاعر الشاب من فلسطين حين يكتب بشكل مختلف نراه قد تخصص في هذا النوع من الأدب فهو يكتب بإحساس عالٍ جدا، وبشكل مضغوطة أدبية، مكثفة المعنى، ليقول في بعض ومضاته:


يُحكى أنَّ


زوجـة الـرّاوي


التي تَكرَهُ المساحيق


دَهَنَتْ وجهها


بغيمة


...لِذا..


مات البطل


وفي ومضة اخرى يقول:


أستطيع تدوين تاريخ الثلاثة آلاف عام المنقضية..عنك


وأنا أبتسم للغيم بلطف،


لكنني لا أستطيع دون قبلة واحدة


أن أقول للتاريخ،


لا تبدأ... حبيبتي لم تنهض من نومها بعد


...


وفي جدارية اخرى له كتب:


في عيد ميلادها


تذكرت كل شيء


لكنيّ..


نسيت الوقت !


وفي معرض سؤالنا للشاعر بلال سلامة افاد عن ومضاته قائلا:


"هي لحظات، ومضة، أو حَالَة، وإن شئت سكتة تأمّلية، أو فكرة،لا فرق.. لا وقت لها ، ولا مكان أو زمان يسبقها، تفرضُ نفسها أينما كنت وكيفما كنت، في البيت أو في الشارع، ومضات أو مشاهد من أفكارنا العادية السريعة الكثيرة، من أحلامنا وهواجسنا، أحاسيسنا وتطلعاتنا، انتباهنا الحسيّ إلى جمالية شيء ما، إلى حالة عاطفية، أو فكرية، من عالم الفرد الخاص والجمعي في آن واحد.
ويضيف بلال: إن تدوين هذه الأفكار، بصورة أدبية، أو دهشة كثيرة الشكوى، أو قليلة الحظ، أمر ضروري يساعد على اكتشاف عوالمنا وعزفنا المنفرد، معرفة علاقتنا بالأشياء، الزاوية التي ننظر من خلالها لأدقّ التفاصيل، إدراك طبيعة الصور التي نشاهدها في الواقع اليومي المُعيش وما تمثله لنا، كيف نراها، وكيف نترجمها، وكيف نشعر بها، وكيف تنمو العلاقة المرتبطة بها، أيضاً الصور المتخلية في الأذهان، والتي لا يراها أحد غيرنا، أن نستطيع ترجمتها وتدوينها رغم سرعتها الهائلة، أو أن يحالفنا الحظ لالتقاط بعضها وترجمته لنص سريع أو بطيء، يساعد على مشاركة العوالم..استفزاز القارئ لتحريك مخيلته، وإن أردت لـ "فكفكة الاستعمار" العقلي والتقليد المكرر لزاوية الرؤية للأشياء وعلاقاتنا الساكنة أو بطيئة النمو نحوها. ليس مهمة هذه الومضات أو ما تشبه قصائد "الهايكو اليابانية"، إمتاع القارئ وحسب إنها تحمل فكرها ومعرفتها ورؤيتها للمشهد، لا تثرثر أكثر مما يجب، ولا تطيل على القارئ، هدفها الأول أن تقدم صورة المشهد بأبعاده الخاصة العامة المشتركة. "


في حين كتب آخر على جداريته:


انقطع الحب حين انقطعت الإنترنت ليوم واحد لأني نسيت أن أدفع الفاتورة. بعدها وجدت حبي صدفة، عند جاري وصديقي، الذي يدفع فاتورته بانتظام !


كما كتب وبنفس الموضوع ساخرا أيضا:


كنت أبحث في دليل الهاتف ومحرك البحث غوغول عن مكاتب للحب، لم أجد سوى مكاتب للزواج هل سقط ما أبحث عنه سهوا ؟


لكنه في مقام آخر كتب:


عندما ينصهر الظّل على نهديها، ويمنح جسدي جمر انتصاره. حينها ينسى اللحظ قراره.


حتى أن من الشعراء الكبار كأنسي الحاج على صفحته في الفيس بووك لديه ومضات أيضا، وجداريته تعتبر من الروئع لما تحمله من صور ومعاني شعرية خفيقة الظل رقيقة المعنى قوية الصورة وهذه مثال ومضه للشاعر اللبناني أنسي الحاج يقول: "حين في صدري المنهار ، يشرق وجهك الباسم كأحضان الملاذ، كدموع الخلاص، أعرف أني أحبك. لن أحبك الحبّ، الحبّ الذي ينتشلني والذي يملأك و يغمرنا معا بسماء تتوسع فينا، إلا بارتمائي واحتضانك لارتمائي".
بيد أن القارىء يستفيد من هذه الجرعة الأدبية، فتكون قد احيت فيه اشراقة يوم جديد، يقرأها من خلال هاتفه النقال الذكي، او لمحة البصر من جهاز حاسوبه أثناء العمل، لتعطيه نشاطاً ولربما حافزا ليرد على هذه الومضه بومضة اخرى، وليس من الضروري أن يكون ذلك القارىء كاتبا أو شاعرا، لكنه تمرس من خلال القراءة وأصبح لديه من الشجاعة أن يكتب ومضه أدبية مماثلة، إن سرعة الوقت والعجلة اليومية انتجت أدباً سريعا وبكل الأحوال غالبا ما يكون جيدأ وراقيا.
وقبل أن ينتقل أدب الكتابة على جداريات مواقع التواصل الإجتماعي، كان وما زال، على أرض الواقع، فكثيرا من مدن العالم المكتظة سكانيا تعاني من هذه الظاهرة، وبعض الدول المتقدمة وصل بها الضيق إلى سنّ قوانين تجرّم الكتابة على جدران الشوراع العامة، وفي داخل محطات القطارات، أو على الحافلات، وعلى أسوار الحدائق. وفي أميركا مثلاً يسمى هذا النوع من الكتابة على الجدران ,Graffitiوحتى أنها في مرحلة ما، وقبل الثورة الرقمية وانطلاق الإنترنت، كانت تمثل رأي شريحة من الشباب الذين يودّون تمرير رسائل إلى حكوماتهم تعبر عن معاناتهم ومشاكلهم، ومنهم من أراد أن يكتب لحبيبته، ومنهم من تسلق الجبال ليكتب على قممها كلمات الحب، ومنهم من انتحر بعدما كتب آخر جمله لمعاناة ما، كانت تواجهه في حياته.
وفي المقابل الآخر وفي هذه الدول تحديدا، وفي نطاق ضيق، اجازت بعض القوانين الكتابة على الجدران من قبل أطفال المدارس، وأحيانا على أرضية الأرصفة، حتى يعبر الأطفال عن تطلعاتهم وآمالهم المستقبلية. هذا الفن وهذا الأدب انتقل تماما، كأي فنون آخرى إلى المواقع الألكترونية، وكما أسلفنا سابقا.


فهل النّص الوامض :حوار يستحقّ المجاملة؟


نعم هو ومضات (خواطر) تلج الذاكرة وتنسّغ مواقف لترتسم في شكل حروف مترابطة متتالية على العناوين الرّقميّة والرسائل الالكترونيّة في إيصال المعلومة بدقة وسرعة متناهيتين، وبفنيّة تترجم مابلغته كلّ ذهنيّة بحسب ميولاتها وطبيعة أفكارها، فهناك من يرى أنّنا "أمة لم ولن تتحرر من قيد الفكر ..الا عندما ينساب فكرها كحروف متمردة بلا أغلال" وهذه المقولة المقتبسة وردت على أكثر من حائط هكذا يتكوّن النص ماسحا حيّزا افتراضيّا وشكليا، له خصوصياته ومداره، مختلف من حيث الطبيعة وإن التزم الحرف متميّز في حضوره وإن حافظ على أهدافه، فيصبّ فيه جام الإبداع متى كان الكاتب في حالة من التجلّي مربكة: يقول المبدع والدكتور المصري المتغرّب محمد مصطفى السّالم" وهل الفجر إلا ضحكة من قلب بطعم ركعتين مبلّلتين بالضّراعة". وكما يبثه كلّ غضبه متى استشاط بهذه الحياة يقول المبدع الشاعر محمد الصغيّر أولاد أحمد "قال الزّعيم وجدتكم ذرّات رمل في الفلاة، صاح المهرّج أن أنت مدى الحياة" هكذا يحمل النص الوامض ما يخامر ذهن قائله. فالمغرم يترنم بأسمى ما تجود به قريحته إن كان في زهوّ مع المحبوب وإن خاصمه أو عاتبه فإن الحائط الألكتروني تسوده القتامة المدادية ولا تجد متنفّسا من الآهات والشكوى، والمناضل يكسيه بكلام الثّوار وعبارات النخوة وما يمدّ في نفس حربه مدّا، والسّياسيّ تسود صفحته الخطابات والتمريرات الديبلوماسيّة والإعلاميّ تراه يطلق النّار على هذا الطّرف أو ذاك بغية إيصال فحوى الوعي بالحياة، فتخضّب التعاليق صفحته شتما أو إكراما ثمّ يكون التثمين أو الاستهزاء، وهكذا يتحرّك النص الوامض في سرعة اسرع من البرق، وأخفّ من لمح البصر حيث غدت سرعتهما مقارنة بسرعته في طيّ الكتمان لما اكتسبه من خصوصيات. فهو جنس ان اردنا نثريّ سرديّ يقوم على المشهد واللقطة والومضة والاختزال والكثافة في كلّ العناصر: شخصيات وفضاءات ووصف ولغة تطلب تواصلا أوتقاطعا مع فكر ما، أو طائفة أو منطق، بغية الإرساء للبديل. كما هو حالة وجدانية تعبّر عن ذاتها فتذر الصحب والمعلّقين يخوضون غمارها في شكل منتدى مفتوح ومن كلّ حسب رغبته إلى كلّ حسب طاقته ومراميه فتندلع ردود الأفعال ويتشكّل المشهد الحياتيّ الفايسبوكيّ أو غيره وينتشر الوعي بالموضوع من متصفّح إلى آخر لتتّسع دائرة الحوار حتى تعرّج إلى شطر الانفعال أو الهدوء وتستيقظ الهرر النائمة والنوايا الحقيقية لتفرز في النهاية موقفا مصالحا مع المجتمع الافتراضيّ أو نقضه.
يبقى النص الوامض فسحة موازية ترصد الإحساس والهواجس ليشكل موقفا يختزل بإزاء الآخر، يتاخمه فيتقاطع معه حينا ويختلف معه أحيانا دون أن يفسد حبل الودّ ومن ثمة يكون القارىء والكاتب في إطار تشكيل نصّ ذي حراك معيّن يمتعنا يستفزّنا ولكنّنا لا نستطيع أن نتجاهل وجوده وإرساءه لتقاليد أدبيّة حتّمها الافتراض.
وان نكتب عن هذا الأدب فلن نعطيه حقه هنا، فهل سيكون لهذا النمط من الأدب مستقبلاً ورواجاً، أم سينتهي ويكون كفقاعة صابون احرقت عيوننا في لحظة قراءته وانتهى؟ نترك الباب مفتوحا لنقاد الأدب والمهتمين به وسائر القراء.

الاثنين، 4 أكتوبر 2010

نسيان:


سيفشل الإنسان إذا أراد اختيار وجه من مئات الوجوه التي يراها كل يوم لينساه،وإذا حاول التملص من شعور حفره في داخله كائن ما،فسيتعرض للفشل، وعليه أن ينسى كل ما يحيط بذلك الوجه الكائن، والمسافة التي يصل إليها صوته، والبعد الذي يتردد فيه، وعمق نظراته،والأمكنة التي يتجول فيها،ويتنزه، والمدى الذي يمكن أن يصل إليه، وما يتسع له، ما يمكن أن يحمله. النسيان بالنسبة للإنسان ممكن في حالة زمن كامل. وإذا أردنا نسيان نظرة فعلينا أن نأخذ بعين الاعتبار فقداناً كبيراً. وهذا ما أخذته بعين الاعتبار. ولا يمكن أن يكون للإنسان حياة أخرى إلا إذا استطاع النهوض من تحت أنقاض هذا الانهيار، ويغدو الإنسان صاحب معرفة عميقة، ومعرفة للمفقود في حياته الجديدة هذه.


لطيفة تكين، لا موت في الغابة