الأربعاء، 23 أغسطس 2017

أوسمة غوته لإملي وبوتاليا وشيرياكوفا



كانت أوسمة غوته لعام 2017 من نصيب الكاتبة اللبنانية إملي نصرالله و الناشرة الهندية أورفاتشي بوتاليا والناشطة الروسية في مجال حقوق الإنسان إيرينا شيرباكوفا، حيث يمنح معهد غوته هذا الوسام الفخري الرسمي باسم جمهورية ألمانيا الاتحادية سنويًا لشخصيات تميزت في إثراء الحوار الثقافي بين الحضارات. وسيقدّم رئيس معهد غوته، كلاوس ـ ديتر ليمان، الأوسمة يوم ٢٨ أغسطس/ آب في قصر فايمار، فيما سيتلو خطاب منح الأوسمة كل من المفوض الفيدرالي لأرشيف وزارة أمن الدولة ماريان بيرثلر، والصحافية إملي ديشي بيكر، وعالمة الاجتماع كريستا فيشتريش.
وتمنح أوسمة غوته لعام 2017 تحت شعار "اللغة مفتاح". ويأتي تكريم الفائزات الثلاث أورفاتشي بوتاليا، وإملي نصرالله، وإيرينا شيرباكوفا على خلفية المواقف الجريئة والشجاعة التي اتّخذنها إزاء مواضيع محرمة في مجتماعتهن ومن ضمنها العنف ضد المرأة وإحياء الذاكرة الجماعية. فقد عملت أورفاتشي بوتاليا لأكثر من ثلاثين سنة في سبيل إيصال صوت الفئات الاجتماعية المهمّشة في الهند. وكناشرة مناصرة لحقوق المرأة، طالبت بإدخال التعديلات على القوانين الهندية المتعلقة بالاغتصاب والمهر، وهي كاتبة معروفة ومرموقة على المستوى الدولي. أما إملي نصرالله فهي واحدة من الكتاب المشهورين في العالم العربي. فمن خلال أعمالها التي تتوجّه إلى الكبار والصغار، تستخدم إملي نصرالله لغة شاعرية لوصف الحياة اليومية في لبنان خلال فترة الحرب. من جهة أخرى، وعلى مدى عقود، عملت إيرينا شيرباكوفا لتسليط الضوء على السياسات القمعية التي اعتمدها الاتحاد السوفياتي السابق. ففي عام 1988، شاركت في تأسيس منظمة "ميموريال" وهي أول منظمة سوفياتية غير حكومية لحماية حقوق الإنسان في روسيا، وقد أُدرجت على قائمة "العملاء الأجانب" منذ عام 2015. وبصفتها متحدّثة مرموقة حول العلاقات الألمانية الروسية، تضطلع بدور حاسم في تقريب وجهات النظر بين البلدين.
وسيتلو خطاب منح أوسمة غوته 2017 المفوض الفيدرالي السابق لأرشيف وزارة أمن الدولة لألمانيا الشرقية سابقًا ماريان بيرثلر (إيرينا شيرباكوفا)، والصحافية إملي ديتشي بيكر (إملي نصر الله)، وعالمة الاجتماع كريستا ويشتريش (أورفاتشي بوتاليا). وبالتعاون مع مهرجان الفنون بفايمار يدعو معهد غوته الفائزات الثلاث إلى حفل نهاري يُقام قبل يوم واحد من تسليم الجوائز. ويوم الأحد 27 أغسطس/ آب 2017، سيكون للفائزات الثلاث أوفاتشي بوتاليا، وإملي نصرالله، وإيرينا شيباكوفا مقابلة مع أخصائية العلوم الثقافية ونائب رئيس معهد غوته، كريستينا فون براون. أما في مساء 27 أغسطس/آب 2017، وعلى هامش مهرجان الفنون بفايمار، ستناقش إيرينا شيرباكوفا وخبير شؤون أوروبا الشرقية كارل شلوغل العلاقات الروسية الألمانية.
في العام 1931، ولدت إملي نصرالله في كنف عائلة مسيحية في قرية في جنوب لبنان. بعد دراسة التعليم في بيروت، عملت كمدرسة ثم كصحافية وكاتبة حرة. وفي العام 1962، نشرت روايتها الأولى التي تحمل عنوان "طيور أيلول" والتي نالت عنها ثلاث جوائز عن الأدب العربي. وإلى جانب الروايات والمقالات ومجموعات القصص القصيرة للكبار، نشرت إملي نصرالله سبعة كتب للأطفال. وقد ركّزت بشكل أساسي في كتاباتها على الحياة القروية في لبنان، وجهود المرأة التحررية، والمشاكل المرتبطة بالهوية القومية خلال الحرب الأهلية اللبنانية، والهجرة. وفيما كان لبنان يتخبط في الحرب بين عامي 1975 و1990، أصبحت روايات إملي نصرالله وقصصها القصيرة بمثابة نداء استغاثة من المجتمع المتفكك والمتفلت. وفي كتابها المعروف "يوميات هر" (ماذا جرى لزيكو، 1997، النسخة الإنجليزية 2001)، وصفت الحياة اليومية خلال فترة الحرب في بيروت المحاصرة  من منظار الهر. وبالرغم من تدمير منزلها ومقتنياتها جرّاء القصف خلال الحرب الأهلية اللبنانية، رفضت إملي نصرالله المنفى. وتشكل روايتها "طيور أيلول" واحدة من الروايات التي تُدرّس بانتظام في المدارس اللبنانية اليوم، كما تعتبر رواية كلاسيكية من الأدب العربي.
 

الأحد، 13 أغسطس 2017

“التراث والثقافة” … تغلق المكتبة الإسلامية بـ “روي”!





أحمد الفلاحي: أتوجه برجاء والتماس إلى وزير التراث والثقافة، أن يأمر بإيقاف إغلاق هذه المكتبة

محمود الرحبي: كنت أتمنى تطويرها بدل إلغائها؛ ومعالجة اﻷمر عن طريق تنظيم زيارات إليها وعمل حملات إعلانية لها
بدر العبري: لا بد من ربط المكتبة الملموسة بالمكتبة الرقمية، وتكون حاضرة ورقيا ورقميا

سعيد السيابي: عندما يغلق مكان ثقافي أو يتوقف مشروع فكري معناه نسمح لمساحة من الظلام تحل مكانه
بشرى خلفان: إغلاق المكتبة الإسلامية وتحويلها إلى مكاتب مثار استغراب!

هلال البادي: اكتشفنا فجأة أن هناك مكتبة عامة في قلب مسقط ستقوم الجهة المعنية بإغلاقها!


استطلاع ـ خميس السلطي:

إغلاق المكتب الإسلامية بروي بالعاصمة مسقط التابعة لوزارة التراث والثقافة، وتحويل محتوياتها الأدبية والفكرية إلى مقر آخر، حدث أدبي أشعل جنبات الواقع الثقافي في السلطنة مؤخرا، تباينت الآراء لعدد من الكتاب وتناقضت أيضا بين مؤيد ومعارض لفكرة الإغلاق، إلا ان هذه الآراء اتفقت في النهاية على ضرورة عدم الإغلاق، لأسباب كثيرة يدركها المثقف العماني وغير العماني في السلطنة، ذلك المثقف الباحث عن المعرفة والمعلومة المغايرة، علما بأن هناك مكتبات أخرى في السلطنة عموما والعاصمة مسقط خصوصا، ولكن البعض يراها قليلة جدا نسبة إلى ما نراه من مكتبات كبيرة في العواصم والمدن العربية من حولنا، وهناك من المثقفين الذي يتفق أيضا إن مكتبات السلطنة قليل من يرتادها أو يتفاعل معها، الأسباب قد تكون مجهولة أيضا.. حول هذا الحدث تحدث عددا من الأدباء والكتاب الفاعلين في الساحة الأدبية في السلطنة

نداء إلى وزير التراث والثقافة
الكاتب والأديب أحمد الفلاحي بدأ حديثه مستنكرا ما تقوم به وزارة التراث والثقافة معلقاً: حقيقة هذه المكتبة وهي الوحيدة التابعة لوزارة التراث والثقافة في مسقط، وإغلاقها خبر مفاجئ ومؤلم وغير متوقع، ولا أجد له مبرر، ولو كان المبنى مستأجر لقلت إن الوضع المالي هو السبب، لكنه متأسس وجاهز وملموك لوزارة التراث والثقافة، وإن كانت الوزارة تريد مكاتب لموظفيها فبالإمكان إضافة طابق في مبنى المكتبة أو في أي مبنى آخر في الوزارة، لا يكلف إلا اليسير جدا وحتى لو يقام مؤقتا بالمواد غير الثابتة، إلى أن تتحسن الأحوال. وأضاف الفلاحي: إن الأمم والدول تعتز وتفتخر بمكتباتها وتبذل أقصى ما تستطيع من الجهد لتنشيطها والإضافة إليها، وبعضها دول صغيرة ولا تملك من الموروث الثقافي ما تملكه عمان، فكيف نغلق نحن مكتبتنا بدل تطويرها وعندما يأتي الأمر بهذه الصورة، فهو من الغريب أن تقدم هذه الوزارة وهي أنشئت خصيصا لخدمة الثقافة، ونحن في السلطنة من بين خمس دول عربية التي فيها وزارة خاصة للثقافة، وهذا يدل على حرص عاهل البلاد المفدى، حضرة صاحب الجلالة ـ حفظه الله ورعاه، منذ البدايات الأولى لتوليه الحكم أن تكون الثقافة من العناصر الأساسية لتكوين الدولة، مثلها مثل القطاعات الأساسية الأخرى، ولهذا أنشأ وزارة التراث والثقافة عام 1975م ، كان ذلك منذ 42 عاما، وصاحب الجلالة الكل يرى اهتمامه وتركيزه على الثقافة، نرى ذلك في جمعية الفنون التشكيلية، وفي الأوركسترا السيمفونية السلطانية العمانية، والكراسي الأكاديمية العلمية في عشرات جامعات العالم، ودار الأوبرا السلطانية، وجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب، وهي الأكبر في النطاق العربي من الناحية المادية، إضافة مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم الذي يحتضن الكثير من الأنشطة الثقافية، فإذا كان عاهل البلاد الذي له اهتمام كبير للثقافة فهل يليق ويتفق مع المنطق أن نرى وزارة التراث والثقافة أن تغلق هذه المكتبة الوحيدة التي تملكها في مسقط، كنا نتوقع ومنذ سنوات طوال أن تنشأ الوزارة مكتبة كبيرة تتناسب وموروث السلطنة الفكري والثقافي لا أن تغلق المكتبة الصغيرة التي أحيلت إليها من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية قبل أكثر من اربعين عاما.
وتوجه الأديب الفلاحي بخطاب مباشر إلى وزير التراث والثقافة: إن هذا لأمر مؤسف ولا يجب أن يتم وأنا هنا من خلال هذا المنبر الإعلامي أود أن أتوجه برجاء والتماس إلى صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة، أن يأمر بإيقاف إغلاق هذه المكتبة وأن يوجه بأن تبقى أبوابها مفتوحة للراغبين في المعرفة، لعلمي بحبه للقراءة واهتمامه الكبير بالكتاب وحرصه الشديد على نشره واتاحته للمتلقين، وأنا على ثقة إنه سيأمر بأن تظل المكتبة كما كان حالها منذ 42 عاما. هذه المكتبة شاهدت فيها منذ نشأتها الأولى العديد من المشايخ الكبار والعلماء يقرأون ويكتبون ويبحثون إضافة إلى طلبة العلم والكثير من الراغبين في القراءة والاطلاع. ويحزنني جدا أن اسمع بإغلاقها.
مختتما الكاتب أحمد الفلاحي قوله مع فرد الأمنيات والضرورات: وأنا أرى من الضرورات المهمة جدا وجود المكتبات العامة، ليس في العاصمة مسقط فحسب، وإنما في كل المدن العمانية، وهذه أراها من المسؤوليات الرئيسية التي ينبغي أن تنهض بها وزارة التراث والثقافة، ومثل هذه المكتبات رأيناها ونراها في كل الدول العربية الأساسية مثل مصر وسوريا والجزائر وتونس والعراق ولبنان والمغرب وغيرها وقد سبق لي أن كتبت مرارا قبل عشرات السنين مناشدا وزارة التراث والثقافة كي تقوم بفتح المكتبات في المدن الرئيسية في عمان، ولا أتفق أن المكتبات لا يوجد لها من يرتادها، فلو كان الأمر كذلك لأغلق الكثير منها في العالم، ولا أتصور أن يأتي يوم نرى فيه مكتبة الكونجرس في أميركا أو المكتبات الكبرى في بريطانيا وفي روسيا وفي الصين وغيرها التي تشتمل على مئات الألوف من العناوين بعضها يصل إلى ثمانية ملايين كما هو في مكتبة الكونجرس، إنني أجادل باستمرار في أن الكتاب الورقي سيبقى حاضرا مع الإنسان مهما طال الزمن، على الرغم من توفر الطفرة المتسارعة في الوسائل الإلكترونية التي تتيح تناول الكتاب إلكترونيا. نحن في مسقط لدينا المكتبات التي ذكرتها وهي مكتبات صغيرة قياسا بالمكتبات الموجودة في المدن العربية والخليجية، لهذا نتمنى أن تتسع مثلها هذه المكتبات وأن تكبر مع الزمن لنستطيع مقارنتها بما نراه لدى أشقائنا في الخليج وفي الوطن العربي كله. وبطبيعة الحال نتمنى أيضا أن تكون لنا مكتبات في المدن الإقليمية في السلطنة ذات الموروث الثقافي الكبير مثل صحار ونزوى وسمائل وصور وظفار ومسندم والبريمي وعبري وغيرها.

ذاكرة مهمة
أما القاص والكاتب محمود الرحبي فقد أشار إلى الذاكرة الأدبية وارتباطها بهذه المكتبة: تشكل المكتبة اﻹسلامية ذاكرة مهمة نظرا لكونها من أوائل المكتبات في ولاية مطرح إن لم تكن اﻷولى، وكانت الحاجة إليها كبيرة وما تزال وذلك نظرا لافتقادنا إلى مكتبات عامة، وكنت أتمنى تطويرها بدل إلغائها؛ إذا كان العذر هو قلة روادها فإن معالجة هذا اﻷمر ليست بالصعبة، وذلك عن طريق تنظيم زيارات إليها إلى جانب عمل حملات إعلانية لها ناهيك عن الحوافز التي يمكن أن تقدم للقراء كفتح أبواب الاشتراك والاستعارة مثلا. فإغلاق مكتبة تحمل هذا الرصيد الزمني الطويل وفي ظل قلة في المكتبات العمومية.
ويضيف الرحبي: لقد شكلت المكتبة بالنسبة إلينا متنفسا حيث كنت مثلا أحد روادها من مدرسة روي الثانوية ومدرسة الوليد بن عبد الملك. كما كنت مع آخرين من جيلي نقضي فيها أوقات المذاكرة واﻹعداد للإمتحانات، وذلك نظرا لما كانت توفره المكتبة اﻹسلامية من هدوء محفز للإطلاع والقراءة إلى جانب ما تتمتع به من فضاء قرائي ممتاز بسبب تجهيزها بطاولات وكراس مريحة وواسعة. كنت أتمنى أن أسمع خبر تطويرها وإرقائها بدل سماع خبر إغلاقها، خاصة وأن المكتبة تمتلك ذاكرة زاخرة امتدت لعدة عقود.
حلول عملية
الكاتب والباحث بدر سالم بن حمدان العبري، أوجد بيان ما تشكله مثل هذه المكتبات عندما علق بقوله: ارتبط الإنسان بالكتاب بداية منذ القدم، ومع المشقة في تجميع أوراق الكتاب ومداده، ومن ثم الكتابة وعملية النسخ، وما تبع ذلك من ارتفاع سعره؛ إلا أن الكتاب ظل حاضرا وبقوة، من هنا انتقل العقل البشري في تكوين المكتبات، وشجع ذلك الملوك والعلماء والفلاسفة، وظهرت أوقاف الكتاب والنساخ والمترجمين والمكتبات، وزاد معدل المكتبات في العالم بسبب اكتشاف آلة الطباعة، مما سهل طباعة الكتاب ونشره، وتسابق المؤلفون في نشر نتاجهم، وتوزيعه على المكتبات العامة والأهلية!!
ويضيف الباحث العبري: ومع ظهور الأجهزة الرقمية، والشبكة العالمية، ووسائل التواصل الاجتماعي مما دلت الدراسات التربوية والإحصائية المؤشرة إلى تراجع الكتاب، إلا أن الكتاب ظل حاضرا، والمعارض العالمية للكتاب ما زالت في قوتها وحضورها، إلا أن الإشكالية ليس في العزوف عن الكتاب وإنما الإشكالية في العزوف عن القراءة رأسا عن طريق الكتاب الورقي واستبداله بالكتاب الالكتروني، أو العزوف عن القراءة رأسا، والاكتفاء بالتغريدات السريعة!!!، لهذا أصيبت المكتبات العامة بعزوق القراء عن الحضور والقراءة، فلا ترى المتسابقين عند موعد افتتاح المكتبة، والمتنافسين في استعارة موادها، والمتزاحمين على كتبها!!!
ويختتم العبري قوله: عندما تدخل المكتبات العامة اليوم تتصور أنك تدخل بيتا شبه مهجور، عدا بعض المكتبات المرتبطة بالدراسة الجامعية، فيتزاحم الطلاب وقت الطلب لمشروع بحثي، أو عند الامتحانات لفتح مذكراتهم الدراسية، أو لأخذ قسط من الراحة!!! ولهذا أصبحت المكتبات تشكل عبئا ماليا في مصاريف الكهرباء، ورواتب الموظفين والإداريين، وعليه قامت بعض الدّول بدمج المكتبات، والتقليص من عددها، مع توقف المكتبات عن مسايرة الجديد، بسبب ضعف الدعم المادي لها!!!، وعليه في نظري أن الوضع لن يتحسن مستقبلا إذا استمرت عقلية إدارة المكتبات في نفس تصورها القديم، فليس الحل في الدمج ولا التوقيف أو الإلغاء، وإنما الحل في إيجاد حلول عملية ترجع الناس إلى القراءة والكتاب، والتنافس حوله. ومن هذه الحلول في نظري تحويل المكتبات من قاعات جوفاء حتى ولو كانت مزخرفة وفي قمة الجمال، بحيث تحول إلى أشبه بالمجمع الاستثماري الذي يجذب النّناس إلى المكتبة والكتاب، فيجدون المكان المهيأ كمقاه ومطاعم ومكتبات شرائية وما يتعلق بالكتاب من هدايا، وحول هذا تكون المكتبة القرائية والبحثية، بحيث يعود ريع هذه المحلات إلى المكتبة ذاتها، فتعتمد في دخلها على نفسها، ولا تكلف الحكومة شيئا، وفي الوقت نفسه يدعم القارئ والباحث عن طريق المسابقات البحثية، والجوائز الإغرائية في ذلك. ثانيا: لابد من ربط المكتبة الملموسة بالمكتبة الرقمية، بحيث تكون حاضرة ورقيا ورقميا، وزيادة الفجوة، أو التقصير في حق الآخر؛ لا يجدي شيئا!!!، ثالثا: التشجيع على ربط المسابقات بالكتاب والمكتبات، والتشجيع على نشر البحوث، والقراءات البحثية، وربط بالمكتبات بالإبداع والإنتاج، عن طريق دعم الورشات، وتزويدها بالمختبرات ونحوها، وإقامة المسارح الفنية فيها، مما يخرجها إلى مسايرة الواقع، والقرب من الشّباب والمجتمع ككل. رابعا: ربط المنهج الدراسي بالمكتبة والكتاب، وتشجيع عملية القراءة الخارجية، والبحث العلمي، بدلا من الاكتفاء بالتلقي والوقوف عند المنهج الدراسي فحسب!!!
وأخيرا التشجيع على تفعيل الدراسات العلاجية لإيجاد حلول جذرية هو المطلوب حاليا؛ لأن الواقع لم يعد يتحمل القراءات الارتجالية، والقرارات الفردية، التي تضر أكثر مما تنفع، وتشتت الفكرة أكثر مما تجمع، وتزيد الفجوة بدلا أن تعالج وتصحح!!.

ذكريات لا تنسى
الكاتب المسرحي الدكتور سعيد السيابي يشير أن اغلاق المكتبة الإسلامية بروي في ظل النداء المستمر لتوفير مكتبات عامة في السلطنة يشير موضحا: انطلق في اجابتي من العام للخاص، إذا ما قسنا أعمار المكتبات وأهمية تخصصاتها في العواصم العالمية نجد هناك ارتباطا وتوأمة بين تاريخ هذه العواصم وانشاء مكتباتها فيها، فالقِدم في المكتبات يعود بثنائية المعرفة والحاجة التي تطلبها انشائها، لهذا صكت العملات النقدية والطوابع البريدية بأسماء مكتبات عالمية كانت شاهدة على الحضارة والمدنية وتطورها في هذه العواصم والدول التي تقدر وتضع أهمية بيت الحكمة ومخزن التراث والفكر والوثائق والمحفوظات فيها، فالدور الذي لعبته المكتبات العامة والخاصة في العديد من العواصم كان شيئا يدعو للفخر والاعتزاز للحكومات والأفراد الذي أوقفوا أموالا لمثل هذه المشاريع الخالدة، وما زال التنافس محموما في إنشاء وتصميم مثل هذه المراكز العلمية الجامعة لشتى المعارف والباحثين والاكاديميين والقراء على مختلف مشاربهم. أما بخصوص الجانب المحلي لدور وأهمية المكتبات في السلطنة فهذا جانب ارتبط ارتباط بوثيق بتاريخنا القديم وحاضرنا ونهضتنا المباركة فهناك مشاريع ومكتبات تم إنشاؤها وتوسعتها لما تقوم به من أهمية كبيرة في تزويد العلوم والمعارف الإنسانية لمختلف أطياف المجتمع العماني.
وينتقل السيابي إلى ذكرياته مع المكتبة الإسلامية : (المكتبة الاسلامية بروي) لي ذكريات معها وهي ذات خاصيتين الأولى هذه المكتبة عرفتني صراحة وقربتني من العلامة الشيخ أحمد بن سعود السيابي الذي يسكن في روي ويصلي بالمسجد بجوار هذه المكتبة فنشأة من تردادي لهذه المكتبة علاقة تلميذ بأستاذه والذي كان له الدور في توثيق علاقتي بهذه المكتبة وبالجانب الإنساني والأسري الذي اضفاه شيخي الفاضل على لقائتنا، والجانب الآخر عندما سجلت في مشروع الماجستير بجامعة السلطان قابوس وكان شغفي بالتراث الخليجي فتم توجيهي مباشرة من قبل الاكاديميين وتحديا مشرفي الدكتور سمير هيكل للبحث عن الكتب والأبحاث التي تهم التراث لمكتبة الإسلامية بروي، وحقيقة قضيت أيام واسابيع أتردد على هذه المكتبة وقمت بتصوير العديد من المراجع المهمة والتي لم أجدها في مكتبة جامعة السلطان قابوس فكان لهذه المكتبة الدور الكبير بمدى بهذه المعارف الضرورية التي لولاها لكنت قضيت فترات أطول في الحصول على المراجع وتكبدت مبالغ للسفر لدول خليجية كان بحثي العلمي يقتضي الاطلاع على تجاربها ونشاطها التراثي والمسرحي ولقد تلقيت كل التعاون من القائمين على المكتبة مما زاد من للألفة وتكرار الزيارات الشيء الكثير وسجلت في ذاكرتي مثل هذه المواقف الإنسانية والعلمية. أما بخصوص الاغلاق بحد ذاته فبعبارة لمحتها تقال هكذا (عندما يغلق مكان ثقافي أو يتوقف مشروع فكري معناه نسمح لمساحة من الظلام تحل مكانه) وهذا شاهد حي عن وجود المكتبة سابقا واغلاقها الآن وكيف يشعر المستفيدين من هذا المكان وجيران المكان وطلاب المدارس الذين كنت اجدهم يترددون على هذه المكتبة، وهنا لا أتحدث عن الأسباب فانا لستُ على اطلاع بحيثياتها والذي تطلبه فعل الاغلاق وإنما تاريخ المكتبة وعمرها من عمري مدينة (روي) والتي أتمنى أن يعود لها بريقها ومكتبتها العامة.
وهنا يوضح السيابي ما يتعلق بالعزوف الواضح في ارتياد المكتبات بالسلطنة، فيقول : مع تغيير أدوار المعارف وتلقيها كان لزاما أن يتم تجديد الفكر الإداري والتنظيمي وأدواره في المكتبات العامة والخاصة فلا يكتفى بإعارة الكتب ونسخها فقط. نعم صحيح هذا دور أصيل في المكتبة ولكن هناك من الوسائل والأدوات والادوار التي يمكن أن تقوم بها المكتبات وخصوصا في العواصم فهي شاهد اثبات على نهضتها وحركتها الفكرية والحضارية، بخصوص العزوف عن ارتياد المكتبة الإجابة لا طالما كانت هذه المكتبات مركز اشعاع فكري ومعرفي والقضية من وجهة نظري هي في ثبات أدوارها وعدم التجديد في فكر إدارتها، وأعطي مثال على ذلك من ولاية كوينزلاند بأستراليا فسلسلة المكتبات الحكومية بهذه المقاطعة تغطي معظم المراكز التجارية ومكانها في أفضل موقع في المركز أيضا- يتم فيها الأدوار المكتبية المعروفة من الاعارات للكتب والأشرطة ومكتبة الأطفال وإقامة الندوات العامة والاحتفالات الوطنية وتوقيع احتفالات الكتب الجديدة والتي تكتظ بالزوار في مثل هذه الفعاليات، بالإضافة إلى انها منفذ لبيع بعض اللوازم المكتبية وتقوم بدور البريد ودفع الفواتير الحكومية وبعض المعاملات مثل تجديد الجوازات والبطاقات الإقامة والشخصية يتم استقبالها عن طريق المكتبات وموظفيها المدربين والمؤهلين (أدوار مكاتب سند المنتشرة بالسلطنة ممكن أن تقوم بها المكتبات الحكومية والخاصة)، في هذه المقاطعة الاسترالية وعلى مستوى الدولة أوجدوا من المكتبة مكان يتم اللجوء اليه في العديد من الوظائف التي يتطلبها تسهيل المعاملات للإنسان والمجتمع وهذا لم يؤثر على دورها وأهميتها في إيجاد أوقات ثمينة للأسرة باللجوء إلى هذه المكتبة بعد قضاء ساعات من التسوق فتجد معظم كبار السن والشباب يمارسون هواياتهم في مطالعة الكتب ومشاهدة التلفزيونات والأفلام المعروضة مجانا والأطفال الأصغر سنا في الرسم والتشكيل وهي مكتبات تفتح لوقت متأخر مع اغلاق المراكز التجارية – وهذه مكتبات حكومية وعددها كبير وموجوده في قلب المجمعات التجارية والتي لا تبعد عشرة كيلو متر عن بعضها البعض في وسط المدينة-. فالنداء الذي اوجهه مع محافظتنا على الجوانب الرئيسية لبعض الجهات والمؤسسات الحكومية غير الربحية كالمكتبات ولكن ممكن تغيير وظائفها بما يليق بالتطور والتقنية في القرن الحادي والعشرين والاستفادة من التجارب العالمية في ذلك وجميعها متوفرة وبالمجان.

سوء إدارة وتخبط
الكاتبة بشرى خلفان بدأ حديثها ونوع من الضجر من إقدام وزارة التراث والثقافة على إغلاق المكتبة الإسلامية وتؤكد: لقد وصلني خبر إغلاق المكتبة الإسلامية بروي وتحويلها إلى مكاتب، وأثار الخبر استغرابي وغضبي، خاصة وأني شخصيا قضيت أجمل أيامي وإجازاتي فيها وأنا طفلة وجارة للمكتبة، وتتساءل الكاتبة بشرى: كم عدد المكتبات التي افتتحت في عمان منذ السبعينيات؟ وأين هي مواقعها؟ وما هي الأنشطة التي تقوم بها لجذب وتدريب جيل جديد ومتفاعل من القراء؟، فالأسباب المبررة لإغلاق المكتبة أسباب تدل على أمرين: أولا عدم وجود إيمان حقيقي بدور المكتبات وبالتالي نشر المعرفة، والثاني سوء الإدارة والتخبط. ولنجاح المتحف الوطني العماني في استقطاب الزوار مثال مهم أتمنى على الإداريين في الوزارة المعنية دراسته جيداً.

تساؤلات تشاؤمية:
أما الكاتب والمسرحي هلال البادي فيتواصل بطرحه أيضا الذي لا يخلو من علامات الاستفهام موضحاً: كان ينبغي أن يكون السؤال: هل سمعت عن المكتبة الإسلامية في روي؟ ثم تبدأ في التعريف بها- بعدما جاءتك الإجابة بلا- بأنها إحدى المشاريع الثقافية التي تشرف عليها وزارة التراث والثقافة والتي أغلقت مؤخرا من قبل الوزارة. أؤكد لك لو أنك سألت جيلا كاملا السؤال الذي اقترحته عليك لكانت الإجابة منطقية: لا نعرف ماهية المكتبة الإسلامية ولا أين تقع ولا حتى من يشرف عليها وإن كانت موجودة أم لا، ذلك أن الوزارة لم تهتم كثيرا بالتعريف بها وإرشاد الناس إليها، ومن جهة أخرى لا أعرف ما الفائدة الجلية من التعريف بهذه المكتبة التي ربما دخلتها مرة واحدة في حياتي كلها وبطريق الخطأ، لا أعرف ما الجدوى من وجودها بهذا الاسم وفِي منطقة مثل روي. لقد تغيرت مسقط وكبرت كما أنك قلتها بنفسك: لم يعد هناك إقبال على المكتبات العامة فهناك مكتبة الجامع الأكبر والمكتبة العامة في القرم وقريبا منها مكتبة النادي الثقافي إضافة إلى مكتبة جامعة السلطان قابوس وكلها تقريبا متاحة للجمهور ربما باستثناء المكتبة الجامعية. إذهب إلى هذه المكتبات واسأل القيمين عليها كم عدد الزوار الذين يزورون المكتبة للقراءة وللاطلاع؟ غالبا ستكون الاجابات محبطة فيما نحن نطالب الجهات المعنية بإقامة مكتبات ضخمة للجمهور، وهذا مطلب متكرر منذ سنوات كي تقوم وزارة التراث والثقافة وهي الجهة الأولى المعنية بالثقافة والمكتبات أن تقييم مكتبة عامة في مسقط! وها نحن فجأة نكتشف أن هناك مكتبة عامة في قلب مسقط ستقوم الجهة المعنية بإغلاقها! هذا لا يعني أنني مع توجه الوزارة بإغلاق مشروع كهذا، بل بالنظر إليه نظرة تطوير، فالمكان يحتاج إعادة نظر، والمسمى أيضا. ويقترب البادي بإجابته أكثر: ولو كان خمسة أفراد يداومون على زيارة المكتبة لكان هذا هو السبب الرئيسي لوجود مكتبة في مسقط، مكتبة متنوعة وشاملة ومرتبة ومنظمة وغير متحيزة، وأيضا ملهمة من حيث البناء والترتيب، ونحن ننتظر هذه المكتبة وغيرها من مشاريع الثقافة منذ سنوات طويلة قبل أن نعرف أن هناك مكتبة إسلامية تم إغلاقها! ننتظر كما سينتظر أبناؤنا أيضا وربما لا نشيخ قبل أن نرى مشروع المجمع الثقافي ومكتبته العامة ومسرحه الواسع والأنيق.


المصدر: ملحق شرفات، جريدة الوطن بتاريخ 13 أغسطس 2017م