الاثنين، 24 يونيو 2019

من زليخة إلى يوسف: رسالة لم تصل






لم يكن ذنبي كبيراً
لم أُخاتلْ مالَ أيتامٍ
ولم أَنْهَرْ غريباً لائذاً بالدمعِ
لم أحثُ على النّملِ التُرابا 

لم أنادِ اللهَ في مِنْبرِهِ ظُهراً
وأمشي خِلْسةً في الليلِ أرتادُ الشرابا

لم أضعْ في ظَهْرِ أيِّ الناسِ سِكِّيناً
ولم أمسحْ عن الطفلِ التماعاً في أمانيهِ استطابا

لم يكن ذنبي سوى أني عَشِقْتُ البدرَ ضاحّاً
غَيْرَ أنَّ البدرَ حيّاني مُصابا

لم يكُنْ ذنبي سوى عِشقي ليوسُفْ
يوسُفٌ 
يا أيُّها المعمورُ إحساساً
وإن ناولتَني منكَ السرابا

لم يكن ذنبي عظيماً
مَحْضُ أنثىً ترتدي من وَثْبَةِ العِشْقِ ثيابا

وأنا أدري بحَدْسِ المرأةِ الشفّافِ أنَّ اللسعةَ الأولى لصوتي لم تزل بين حناياكَ لهيباً والتهابا

فلماذا يوسُفٌ تَرْتَدُّ مذعوراً .. جباناً
تقتلُ الخُطْواتِ قَبْلَ الحُضْنِ
ترجو أن يصيرَ السَّقْفُ بابا

ولماذا تَكْنِسُ الأشواقَ؟
والإحساسُ فوّارٌ وفَضّاحٌ على عَينيكَ 
هل تَسْطيعُ تشري أَعْيُناً جُوفَاً كِذَابا؟

أنت تدري أَنَّني في الحَقْلِ وحدي ليس لي مِثْلٌ
ولا يدنو إليَّ الوصفُ قَطٌّ
ليسَ بينَ الشمسِ والأرضِ جُسورٌ غَيْرَ عَينيّا
وتدري أنَّ هذا النورَ إِذْ أحْزَنُ يرتَدُّ ضبابا

يُوسفٌ
يا دهشتي الكبرى وما آزرتَها بي!
يا انفطارَ الروحِ لما اختارَ وجهي كعبةً ليسَتْ تراني
يا نحيبَ الكونِ مُرْتَجًّا بقلبي .. 
وأنا بالصمتِ داريتُ زماني
يا لظى الإحساسِ بالمنفى بعيداً 
يا احتراقي إذ يجولُ الشوقُ في جوفي ذئابا!


بيدَ أنَّ اللهفةَ الأولى على جفنيْكَ شَمْعٌ شبَّ مبهوراً 
ولما جاءَتْ الريحُ السماويةُ ذابا
وأنا أُشْفِقُ تَحناناً 
على النهرِ الذي يزدادُ بُعداً بينما يَبْغي اقترابا

أنتَ تبكي مثلما أَبكي
ولكنْ صوتُكَ الدينيُّ أخفى آهةَ الحُبِّ
وأغواكَ تبيعُ الشوقَ للمحرابِ 
ما أفتاكَ يوماً "إنَّ في الكتمانِ إِثماً واغترابا"


لا تَقُلْ إني نبيٌّ
أنتَ طينيٌّ وإِنْ جفَّفْتَ ماءَ الحُبِّ مربوكاً وناظرتَ ارتيابا
أنتَ طينيٌّ وإن مَسَّحْتَ عن قُمْصانِكَ الفوضى وأوهمتَ الصوابا
أنت طينيٌّ وطبعُ الطينِ أن يَحْفِرَ في الروحِ التجاعيدَ الغِضابا
وأنا روحي تثنَّتْ من خساراتي بقصرٍ كُنتَ لي فيهِ سؤالاً وجوابا
فامضِ خلفَ الريحِ
واترُكْني على الشطآنِ موجاً يتصابى 


بقلم شميسة النعمانية 

الخميس، 13 يونيو 2019

همسة






ما من نشاط إنساني أكثر إيجابية على الإنسان ومعرفته بالحياة مثل القراءة، وما من حالة إنسانية يعيشها الإنسان أجمل من حالة التعاطف مع مؤلف الكتاب.

دونالين ميلر
الهامسون بالكتب