الأحد، 25 نوفمبر 2012

أحلامنا تدفعنا للأفضل دائما






السير الذاتية ليست من الكتب التي يستهويني قرائتها عادة فلم أستثني سوى كتابين من هذه القاعدة أولهما هو كتاب كفاحي لجنكيز خان القرن العشرن أدولف هيتلر والاخر كان المحاضرة الاخيرة للعالم والمحاضر الدكتور راندي بوتش. قال راندي في نهاية محاضرته الاخيرة: ( إذن حديثي معكم اليوم كان عن تحقيق أحلام الطفولة ولكن هل يستطيع أي منكم أن يدرك ” خداع الرأس” أي الهدف الضمني من وراء إلقائها ؟) كان هذا السؤال الذي أنهى راندي محاضرته الأخيرة به
السؤال الذي أسكت جموع الحاضرين وجعلهم حائرين في امرهم ( إنّ تلك المحاضرة لم تكن عن كيفية تحقيق الأحلام , بل عن كيفية إدراكك لمعنى حياتك ، فلو استطعت أن تمضي في حياتك على الدرب الصحيح ، ستجد الموازنة في تصرفاتك وستستطيع أن تحلم وتحقق أحلامك ) وكانَ هذا الجواب الذي أطلقهُ راندي .. لكنهُ لايزالُ ناقصًا .. لذا كررَ السؤال على مسامعهم مرةً أخرى ومرةً ثالثة ليكتمل الهدف من وراء إلقاء هذه المحاضرة :(الهدف الثاني من وراء هذه المحاضرة لم يكن مخاطبة جموع الحاضرين الموجودين في القاعة الآن ، بل ” لمخاطبة أولادي) كتابه الأخير، بل محاضرته الأخيرة تلخص مسيرة طامح لم يأل جهدا ليحقق أحلامه مهما كانت بعيدة من متناول اليد. يمكنكم القول أنه أحد أبطالي وملهمي الذين اتمنى أن أسير على خطاهم، وهو القائل "لو استطعت أن تحلم ، استطعت أن تحقق حلمك لا أعتقد أنني استطيع أن اوفي الكتاب حقه بهذه الاسطر المعدودة، لذا اعتقد أن على كل من لديه الشغف الحقيقي بالقراءة أو حتى لو تستهويه قليلا بل أن كان لا يجد ما يفعله في وقت فراغه أن يقرأ هذا الكتاب الذي جمع بين السيرة الذاتية والفلسفة الاجتماعية بالإضافة إلى علم النفس الاجتماعي. في الفصل الاول من الكتاب الذي اطلق راندي عليه عنوان: *الأسد الجريح يريد أن يعرف هل بمقدوره أن يزأر من جديد ؟ تحدث عن مرض سرطان البنكرياس الذي تمكن منه والمعانات الجسدية والنفسية التي واجهته. المرض الذي ابقى له أشهر فقط من عمره ليعيش فيها. وكانت الجامعة التي يعمل بها كانت تجعل المحاضرين يقومون بمحاضرة وداعية يتحدثوا فيها عن حياتهم وأنجازاتهم وما الى ذلك. ولكن كان هدفه الحقيقي أن يبقي أثر يذكر أبنائه الثلاثه الذين ما زالوا صغار لم يتجاوزوا العاشرة. ذكرى ونصائح من والدهم الذي لم يؤلمه من المرض سوى انه سوف يفرقه عنهم دون أن يعلموا من هو والدهم دون أن يريهم حنانه. بعكس ما نراه من المصابين بهذا المرض لم يكن خوفه من الموت نفسه بل لم يؤلمه المرض - والدليل صحته الجسمانية – بل كان خوفه الوحيد مستقبل ابنائه وزوجته التي قال بان زواجه منها كان اكبر انتصاراته.

تلى ذلك في الفصول التالية الحديث عن عائلته المكونة من والديه وأخته الكبرى وكيف كانت عائلته هي العائلة المثالية التي أحبت العلم فكانت نهاية أماسيهم الاطلاع على القواميس وكيف أن والديه ساعدا في تنشأته الصالحة وتنمية مواهبه فقد سمحوا له بفعل ما يحلو له بغرفته من تنظيم وحتى تلوين وتزين الجدران وهنا تظهر حقيقة تجاهلها الكثيرين وهي ان شخصيات البشر وفروقاتهم الفردية مصدرها الابدي هو المنزل وهي التربية. ثم تحدث راندي عن أحلام الطفوله وما أدراك ما أحلام الطفوله من منا من لم يحلم بما سيكونه عندما يكبر،لطالما حلمت أن اكون طيار وروائي ومتقن للغات كثيرة وعالم آثار وقاتل مؤجور وعالم فلك والكثير من تلك الاحلام فمنها الواقعي ومنها الغريب والمضحك، راندي يذكر في كتابه ذلك فهو لم يختلف عن الاطفال العاديين في أحلامه سوى أنه كان واقعي في أحلامه فحين كان يحلم ببيت المستقبل كان ينظر الى بيت بثلاث طوابق وليس عشرة او عشرين. افاض بوتش في وصف أحلامه التي نجح في تحقيقها خلال رحلة العمر ، وتلك التي بقيت في سجل الأمنيات.

 في هذا الفصل الذي يعود الى اعذب الايام واجملها يؤكد بان الانسان مهما كانت أحلامه غريبه فهو يستطيع تحقيقها (لو استطعت أن تحلم ، استطعت أن تحقق حلمك) عبارة أثرت في روحي حقا، انا استطيع ان احقق احلامي أذا آمنت بذلك. هذا درس للذين لم يحصلوا من النجاح سوى التمني. وفي الفصول التالية تحدث المؤلف عن معاناته مع مرض السرطان وردت فعل عائلته تجاه المرض وكيف أن جميع من حوله دعموه على أن يعيش أخر اياهم في سعاده بدل القنوط وانتظار الموت وان كان هذا يدلل على شي فانما دل على الحب الحقيقي والعلاقة القوية بين بوتش وعائلتة التي يندرج أصدقائه ضمنها. وكيف أنه حاول جاهدا أن يكون جزءا من حيات أبنائة الثلاثة ومشاركتهم ألعابهم المفضلة والبقاء معهم لفترات أطول لصنع ذكريات جميلة وقدت جلها في هذا الجزء المعنى الحقيقي للتكاتف الاسري واهميته للمريض بل للاسره نفسها بالاضافه لاهمية الاجتماعات الاسرية. ولو قارنا بوتش المصاب بمرض سرطان البنكرياس والذي ابلغ انه لن يعيش أكثر من ستة أشهر باي مريض فالمجتمع العربي لتبين الفرق الحقيقي الا وهو الايمان والثقة بالعائله اذا أبلغ اي منا ولنقل الاغلبية سيصاب بالاحباط ويبدأ بالانعزال والغضب السريع بل قد يصل الامر لايذاء من حوله – هل هذا معنى الذكريات الاخيرة عندنا؟- كما يتبدى وعي الكاتب بدوره التربوي على أن يكون له بصمة في حياة أولاده ، فهو يصف عنايته باختيار زوجته ، والعمل على راحتها أثناء فترة الحمل والحرص على المتابعة عند المختصين ، ويصف تجاربه عند ولادة زوجته للأولاد حيث كان يقوم بدور المساند والداعم في أحلك الظروف وهذا ما نفتقره في هذا المجتمع بداعي الرجوله.

كانت الفصول التالية تتحدث عن مسيرة حياته بمختلف مراحلها من مراهقته وحتى رجولتها يذكر فيها تجاربه وأهم العبر التي استفاد منها ليصل الى ما وصل اليه من مكانه وقد وضح في هذه الفصول بعض التجارب والمبادئ التي اثبت انها ذات فائدة ومحفزة للوصول الى الاهداف والغايات الاسمى ومدى تاثيرها في حياته الشخصية وكيف ان بعضها غير حياته بالكامل. رحل الدكتور راندي بوتش عام 2008م تاركا كنزا حقيقيا متجسد في كتابه حتى لو كان موجها لابنائه فقد استفاد منه الكثير والكثير من الذين قرؤوه اوليس القائل (لو استطعت أن تحلم ، استطعت أن تحقق حلمك) بل اوليس القائل (ليس المهم تحقيق حلمك لان الحلم وحده يدفعك للافضل) بلى ، ان احلامنا تدفعنا للأفضل دائما.

 

قراءة هلال بن أحمد المعمري

فائز بجائزة ساعي البريد للقراءة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق