الاثنين، 4 أكتوبر 2010

نوافذ - (كتاب أعجبني) .. القراءة.. الحلم


أحمد الفلاحي


استسمح الصديق والزميل الكاتب سليمان المعمري ضمن عنوان برنامجه الذي ينوي بثه خلال الدورة البرامجية، وهي فكرة جدا رائعة، ما ينوي الزميل تنفيذه، وان كان سوف يستحوذ على البرنامج من هم مدمنو القراءة فعلا، وهؤلاء لا يحتاجون إلى تشجيع، فهم مدركون أهمية الفعل القرائي الذي يقومون به، والذين يلتهمون عشرات الكتب في العام الواحد، فهنيئا لهم.
قد توجد فينا الإجازة – نحن المقلين في القراءة – نوعا من التحدي، خاصة في مسألة القراءة الحرة، فأحيانا تمر عليك الإجازة السنوية على سبيل المثال، مع طول مدتها، دون أن تتيح لك متسع إكمال قراءة الكتاب الذي بدأته مع بداية الإجازة والذي عقدت عليه العزم أن تنهيه قبل نهاية الإجازة، فكيف لك أن تضيف إليه آخر إذا كان لديك متسع من الوقت المهدر أساسا في أشياء غير موضوعة على جدولك اليومي، حيث اعتاد الجميع أن يسرق منه التسوق – على سبيل المثال - الكثير من الوقت مع أن الجميع، في المقابل، يشتكي أن الأسعار نار.
التحدي الأكبر دائما مع الالتزام بقراءة كتاب، وعلى الرغم من الفشل الذريع في كل مرة نضع فيها جدولا لقراءة كتاب في فترة محددة، إلا أن المحاولات تبقى مستمرة مهما كلف الأمر، خاصة، للذين يتعاطون الكتابة، والحوار المستمر مع الآخر، بدون الشروع في هذا التحدي لا يمكن أن يستمر المشروع الكتابي، وإلا فلا بد أن تتعطل لغة الحوار مع الطرف الآخر.
استهل بهذه المقدمة انعكاسا لحوار دار بين مذيع ومتصلة في أحد برامج المسابقات في شهر رمضان، فالسؤال المطروح عن الدول التي تقع في شبه الجزيرة العربية، ومنها السلطنة، حيث لم تستطع المتصلة أن تحدد هذه الدول، وان لم يخني الظن، أتوقع أن المتصلة ليست بأقل من مستوى الشهادة العامة، بينما الثقافة الجغرافية عن المنطقة تدرس في المراحل الأولى من عمر التعليم، وما ينطبق على هذا الموقف يندرج تحته مواقف كثيرة، عندما يقف المسؤول أمام السائل عاجزا عن الإجابة نتيجة لعدم الاهتمام بالقراءة والاطلاع.
هي إشكالية كبيرة يعاني منها الجميع على الرغم من المحاولات الكثيرة من أطراف مختلفة لحث الناس على القراءة، وخاصة حث الوالدين للأبناء؛ ومنبع هذه الإشكالية خاصة في اليوم والغد وما بعد الغد.
القراءة مشروع صعب المنال، لا أحد يشك في ذلك، وفي المقابل هناك من يستطيع أن يطوعه ويكسب نتائجه الرائعة، ولذلك كثيرا ما يفشل أولئك الذين يتقدمون إلى الوظائف المختلفة؛ لأنهم لا يقرؤون، وعندما يفاجئهم من يختبرهم عن آخر كتاب قرؤوه تأتي الإجابة خجلى؛ لأنهم لم يقرؤوا شيئا حتى تلك اللحظة، وربما من يوم تخرجهم من المؤسسة التعليمية، ولفرط المعرفة بأهمية القراءة يحرص كثير من الآباء على ترسيخ هذا الوعي القرائي لدى أبنائهم، على الرغم من الصعوبات التي ترافق هذا الحرص، ذلك أن هناك منافسة غير متكافئة بين طرفين أحدهما الأسرة، والآخر مجموعة المواد المسلية، وفي مقدمتها الألعاب الالكترونية، كأجهزة «البلاي استيشن»، والتلفاز، ويضاف إليها لعب الكرة في كل وقت وحين، ومن هنا يظل نصيب الكتاب نصيبا خجولا، وقد يكون نادرا إلا في حالات هي نادرة أيضا لدى فئة لا تصل إلى عدد أصابع اليد الواحدة ضمن أسر مجتمع كبير، وهذا واقع للأسف مخجل إلى حد بعيد، في وقت تنمو فيه المعرفة بصورة يصعب اللحاق بها، وهذه المعرفة لا يمكن أن تنمو وتترعرع إلا من خلال كتاب وقارئ جاد، ومجموعة «الأكلات السريعة»، إن جاز التعبير، بغير هذه الطريقة لن تنشئ معرفة معمقة

المصدر: جريدة عمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق