الثلاثاء، 31 أغسطس 2010

الزمن يسترجع حريته



حاول الإنسان أن يمسك بالزمن بطرق ووسائل مختلفة مرة عن طريق قياس الظل ومرة أخرى عن طريق حبات الرمال وهي تنساب في إناء زجاجي من أعلى إلى أسفل والعكس، وفي عصرنا اخترع الإنسان أنواعا مختلفة من الساعات تقيس الزمن بدقة متناهية، ورواية "مومو" للكاتب الألماني ميخائيل إنده محاولة للتعبير عن الزمن وفهم ألغازه، وأحداث الرواية تدور في مملكة الخيال في اللامكان واللازمان وهي لا تحكي عن السحرة والجان وإنما تستمد قوتها من أحداث الحياة المعاصرة. في عام 1973م . صدرت هذه الرواية واشتهرت بسرعة وترجمت إلى عشرين لغة وحصلت سنة 1974م على جائزة كتب الشباب الألمانية وقام باهر الجوهري بترجمتها إلى اللغة العربية ونشرتها دار الفكر بدمشق سنة 2005م وتشتمل الرواية على 3 أجزاء و21 فصلا.

وبطلة الرواية فتاة صغيرة فقيرة وذكية تدعى"مومو" تهرب من ملجأ الأطفال إلى أطلال مسرح قديم، فيشفق عليها الناس، ويرتبون لها غرفة مهجورة داخل المسرح لتسكنها وأصبح الكبار والصغار يترددون عليها وكانت تحل مشاكلهم بذكائها وقدرتها الكبيرة على حسن الاستماع. ويستمر الحال على هذا المنوال إلى أن يظهر رجال من نوع خاص يطلق عليهم اسم " الرجال الرماديون" ينصحون الناس بتوفير وقتهم ولكنهم في الحقيقية يحتالون عليهم ويسرقون وقتهم وقد طلبوا من الناس بذل المزيد من الجهد في الأعمال المستمرة والعزوف عن الأعمال المبهجة لأنها برأيهم غير مفيدة واقتنع الناس وأصبح الفقراء أغنياء بسبب العمل المكثف ولكنهم فقدوا السعادة والأوقات الممتعة وهم لا يدرون لماذا؟ كما ازدادو غربة عن أنفسهم.
وكافحت تلك الطفلة الصغيرة وحدها ضد رجال الظلام وفي يدها وردة وتحت إبطها سلحفاة وانتصرت عليهم، ولا أريد أن أدخل في تفاصيل هذه الرواية حتى لا أضيع على القارئ العزيز متعة القراءة ويمكنني القول بأن هذه الرواية تجسد مرض العصر الذي يعاني منه الناس في كل مكان خاصة مع تزايد مطالب الحياة المادية وصحيح أننا نحيا في عصر نحتاج فيه إلى كل دقيقة وساعة للعمل وزيادة الإنتاج لرفع مستوى المعيشة ولكننا في الوقت نفسه نحتاج إلى الرحمة، والرأفة، وصلة الرحم، والصداقة، والمروءة والشهامة، وحسن الجوار، لا ينبغي أن ننسى كل ذلك ونحن في غمار السعي نحو رفع مستوى المعيشة حتى لا ينهار مستوى تعاملنا الإنساني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق