السبت، 7 أبريل 2012

اكتشف أسطورتك الشخصية





رواية تأخذك في رحلة طويلة لتكتشف ذاتك ومواهبك وقدراتك، أو بالأحرى تكتشف أسطورتك الشخصية. هذا ما حدث تماما مع راعي الأغنام الإسباني سانتياغو، عندما ذهب في رحلة طويلة إلى أهرامات الجيزة، ولكن طريقة اكتشاف أسطورته الشخصية أتت بشكل غريب نوعا ما أو بكلمات أخرى، بشكل شبه خيالي.
تبدأ أحداث الرواية عندما أخذ سانتياغو أغنامه إلى أحد الكنائس القديمة  ليبيت ليلته فيها، كونه شخص يعشق الترحال والسفر، ولذلك اتخذ من مهنة الرعاة حجة لكي يسافر من منطقة إلى أخرى. في تلك الليلة حلم أنه وجد كنز له وهذا الكنز مدفون بالقرب من أهرامات الجيزة، وبعد مرور بضع ليالٍ، حلُم الحلم ذاته، فذهب في الصباح الباكر إلى أحدى العجائز الغجريات اللاتي يستخدمن الشعوذة للحصول على الأموال. عند ذهابه لها اوهمته أن الكنز بالفعل مدفون بالقرب من الأهرامات وعليه أن يعطيها نصف الكنز إذا وجده. خرج سانتياغو من منزل تلك العجوز ووجه يوحي بالأسئلة المبهمة التي لا حل لها، وفي تلك اللحظة ظهر فجأة رجل طاعن في السن، أخبره أن الكنز موجود ويجب عليه أن يذهب للبحث عنه. استغرب الشاب من هذا العجوز، حيث أن هذا أول لقاء بينهم، وحذره من تهاونه لموضوع الكنز، بحيث عند بحثه للكنز سيجد طريقه، وسيجد حياته، وسيجد اسطورته الشخصية. بعد تفكير عميق قرر الشاب الإسباني السفر إلى مصر حيث أهرامات الجيزة والكنز المدفون. ولكن قبل ذهاب سانتياغو أوصاه العجوز بتوخي الحذر وأعطاه حجرين كريمين أخرجهما من قلادته الذهبية، حيث تبين أن هذا العجوز ليس سوى الملك، ولكن بالمقابل يجب على الشاب أن يبيع ستون من أغنامه للملك. فوافق الشاب بعد عناد وعناء شديدين. وآخر كلمة قالها الملك: انتبه للإشارات فإنها سترشدك للطريق الصحيح، وعندما تضل سبيلك، استخدم الأحجار فإنها خير مساعد... وبدأت رحلة سانتياغو إلى البراري حيث إهرامات الجيزة والكنز المدفون.
استطاع سانتياغو خوض البحر المتوسط والعيش عند مشارف المغرب لحين يجد قافلة تعبر به الصحراء الكبرى، ولكن الصاعقة عندما سرقه أحد اللصوص وأخذ جميع أمواله التي باع بها أغنامه. لم يدري ما يفعل ولكنه وجد إشارة مهمة جدا ساعدته على اتخاذ قراره وهي بائع الأواني الزجاجية. استطاع أن يعمل معه لحين يجمع الأموال ويشتري بعيرا تساعده على خوض مضمار الصحراء الكبرى. استمر سانتياغو بالعمل مع ذلك الرجل قرابة سنة كاملة، حيث أصبحت لديه القدرة على التحدث باللغة العربية، وأتى بأفكار جديدة لدكان الأواني الزجاجية مما جعل العديد من الزبائن يرتادون دكانه. وبعد أن جمع الأموال وأصبح لديه قدر وافر منها اتجه إلى أحد المحطات حيث القوافل تركن بالقرب من أصحابها . اتخذ مكان له وبدأت رحلة الصحراء الكبرى. أثناء رحيلهم ، أخذ سانتياغو يتأمل الصحراء ورمالها ورياحها وكيف أنها تتناغم مع بعضها وتتحدث بلغتها الخاصة والتي سماها بلغة العالم، في حين كان يجلس بالقرب منه رجل انجليزي يقرأ كتابا تلو الآخرى وليس في نيته التحدث إلى أي شخص كان.
عندها علِم سانتياغو أن هذا الرجل الاجليزي أتى للبحث عن الخيميائي ليتعلم كيف يصنع الذهب، حيث أنها من أصعب المهام في علم الخيمياء (الكيمياء). بعد عدة أشهر ، وصلت القافلة إلى إحدى الواحات الاتي تتربع الصحراء الكبرى، وقرروا البقاء هناك بسبب توقع وجود حرب بين أهالي الواحات وقطاع الطرق في الأيام المقبلة. عند مكوثه في تلك الواحة ، اكتشف شئ في غاية الأهمية، ألا وهو التقليد ، حيث كانت النساء المتزوجات يرتدين الملابس السوداء، ومن عادات أهل البوادي أيضا أن يودعوا أزواجهم أثناء رحيلهم للحروب وغيرها. قطع عليه حبل أفكاره وتأملاته ذلك الرجل الانجليزي الذي كان يبحث عن الخيميائي ولكن لم يجده، واستمر في البحث في حين ظل سانتياغو يتأمل تلك الفتاة البدوية القادمة لتأخذ كمية من الماء ، عندما رأها لأول مرة أدرك أنها حب حياته وأنها الشخص اللي يتمنى قضاء حياته معها ولكن الشئ الذي يمنعه من تحقيق امنيته، الكنز. أدركت فاطمة أنها تحبه أيضا ، حيث ظلا عدة أيام يتحدثان ويتسامران. وفي يوم من الأيام، جلس سانتياغو على رقعة من الأرض يتأمل فيها السراب والرمال وكان يحاول التحدث إلى الصحراء بلغة العالم، حينها رأى صقرين يتضاربان في السماء، عندها أدرك أنها إشارة جديدة، إشارة قرب الحرب.
بعد عدة قرارات من الرفض والقبول بالفكرة، اقتنع بأن يذهب إلى شيخ القبيلة ، وعندما أعلمهم بما تنبأه انتابتهم ريبة اتجاهه. وعند خروجه من الخيمة وجد أمامه شخص متلثم يحمل شيف سطحه كبرق خاطف ، أوجس سانتياغو في نفسه خيفة عندما سأله الرجل عن سبب معرفته باقتراب الحرب. وبعد حديث دام لساعات، علم سانتياغو أن ذلك الرجل هو الخيميائي الذي يبحث عنه الرجل الإنجليزي، أما في الجانب الآخر اكتشف الخيمائي أن سانتياغو ليس برجل عادي والدليل أنه استطاع فهم لغة العالم. حينها قرر الخيميائي مساعدة الشاب للوصول إلى كنزه. وبعد مغامرة دامت لشهور عديدة، وصلوا إلى منطقة الجيزة. ولكن قبل وصولهم للأهرامات بالتحديد، قرر الخيميائي صنع قطعة ذهبية لسانتياغو لكي تعيله على مصاريف العودة، وأخيرا أكمل الشاب الاسباني طريقه المتبقي وحيدا في ظلمات الليل. وحين وصوله إلى الأهرامات وجد إشارة دلته على مكان الكنز، وبدأ يحفر ويحفر ويحفر لكن لم يجد الكنز وإنما وجد أمامه ظلال عديدة للصوص الصحراء. أخذ اللصوص يضربون سانتياغو ضربا مبرحا لكي يعترف لهم عن سبب وجود تلك الحفرة، وعندما أخبرهم بالقصة كاملة بدأوا بالضحك والسخرية علية واكتفوا بسرقه قطعة الذهب من جيبه. العجيب في الأمر أن ما حدث بحد ذاته يعتبر نوع من التنبيه أو الإشارة على توخي الحذر وعلى أن الكنز مدفون بالقرب من موقع الهجوم... وهكذا وجد الشاب الإسباني حلمه.
ما يستطع القارئ الإستفادة منه في هذه الرواية أن لكل شخص اسطورته الشخصية والمقصود بها أن على الشخص الإفتخار بقدراته ومواهبه واستثمارها في تحقيق أحلامه وغاياته مهما كانت شبه مستحيلة. ولكن عليه الالتزام بما عرفه منذ صغره وأن لا يتعدى حدود دينه وهذا المقصود بالتقليد. أما بالنسبة للغة العالم، فهذا الرواية تدعو كل قارئ أن يتأمل في ملكوت الخالق سبحانه وأن يدع مساحة للصمت وللتعبير عن غاياته عن طريق تأمله وتفكره في هذا الكون.

قراءة إلهام بنت محفوظ المخيني

فائزة بجائزة ساعي البريد للقراءة

كلية التجارة والاقتصاد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق