الاثنين، 23 أغسطس 2010

بطلات أعماله نساء قويات متحررات

الكـــــاتب الفلسطيني مهـــند صــلاحات: أنتمي إلى مدرسـة الحــداثة وأرفـــض القـــواعد الكـــــــــــــلاسيكية للــــنص


في حوار تميز بالصراحة والمصداقية وملامسة الجانب المهني ومناقشة أوضاع الأدب والكتابة الأدبية بشكل عام، تحدث الكاتب والاعلامي الفلسطيني مهند صلاحات عن أنواع الكتابات التي يمارسها، والتي تتنوع بين الرواية والقصة وقصيدة النثر والكتابة التلفزيونية وكتابة السيناريو بالاضافة الى المقالة ساخرة والنقدية. ويرى صلاحات ان كتابة كل هذه الاجناس الادبية ليست بالمسألة الهينة كما أنه لا يجد فرقا بين النص الأدبي المكتوب قصةً كان أو قصيدة وما بين المشهد التلفزيوني فيلماً وثائقياً كان أو مسلسلاً درامياً، فكلاهما له قراءه أو مشاهديه، وكلاهما يخضع لفكر الرقيب والناقد، ويرى صلاحات أن القارئ والمشاهد هم النقاد الحقيقيون والأكثر قدرة على إعطاء الأحكام التي يقبلها على نصه الأدبي وعلى عمله التلفزيوني من حكم الرقيب أو الناقد.
وشارك مهند صلاحات في كتابة السيناريوهات التلفزيونية والمسلسلات الدرامية التلفزيونية، كما كتب عدداً من سيناريوهات الأفلام الوثائقية وأخرج بعضها وأعد بعضاً آخر منها.
صدرت له مجموعة قصصية بعنوان «وحيدان في الانتظار» عن دار فضاءات للنشر والتوزيع في الأردن، وهذا العام تصدر له مجموعة أخرى بعنوان «المخذولون» يتصدرها نص نثري، ولكونه يحاول المزج الحداثي ما بين القصة القصيرة وقصيدة النثر على اعتبار إمكانية تحويلهما لجنس أدبي واحد. وله قيد الطبع كذلك مجموعة ثالثة بعنوان «سيرة غير ذاتية» هي الأخرى مزج ما بين القصة القصيرة والسيرة الذاتية، لكنها كما يقول صلاحات ليست سيرته الذاتية بقدر ما هي السيرة الذاتية للمكان والمجتمع يرويها هو عبر ذاكرة طفولته. قدم للشاشة عدداً من الأفلام الوثائقية، معداً أو مخرجاً، فكان له فيلم «ذاكرة الصابون» وهو فيلم وثائقي يروي تاريخ صناعة الصابون في مدينة نابلس عبر ألف ومائتي عام، كما قدم مع المخرج الفلسطيني بشار حمدان فيلم «الحريق لا يزال مستمراً» وتم عرضه على فضائية الجزيرة الوثائقية بالذكرى الأربعين لحرق المسجد الأقصى، وأفلام أخرى مع مخرجين آخرين مثل فيلم «السامريون: إسرائيليون في أرض كنعان»، «نابلس تحت الحصار»، «شجرة الزيتون» وأفلام أخرى.


• ماذا تعنى لك القصة؟ وما هو الأقرب إليك القصيدة أم القصة القصيرة؟

القصة القصيرة تعني لي طريقة الكتابة ووسيلة التعبير التي أجيدها، إنها الناطق الرسمي عني وعن أفكاري، ولماذا أكتب القصة القصيرة؟ أو لماذا أكتب أصلاً؟ ربما لأنني لا أجيد شيئاً آخر غير ذلك، لكن بكل الأحوال أحب القصة كونها الأكثر قدرة على اختزال الفكرة والأسرع في إيصالها دون تعقيدات الأنواع الأدبية الأخرى كالرواية أو المسرحية. وهذا طبعاً لا يعني أنني لا أحب المسرح ولا أكتبه، فقد كانت لي تجربتان ناجحتان خرجتا على خشبة المسرح وقمت بتحويل مجموعتي القصصية الأخيرة وحيدان في الانتظار إلى نص مسرحي بالتعاون مع المخرج الأردني محمد بني هاني، وهي تجربة قد تبدو غريبة، لكني أشعر بمتعة غريبة فيها.
أما عن أيها الأقرب لي، فهذا ربما سؤال صعب كون الأدب بكل ألوانه قريب لي، لكني أشعر أني من خلال القصة أستطيع مزج تلك الأصناف ببعضها سواء القصة المكتوبة بلغة الشعر أو النثر، كما أني لا أجيد نظم الشعر وأعتبره بالنسبة لي الأقرب للقراءة وليس الأقرب بالكتابة.

• لكل كاتب طقوس خاصة أثناء الكتابة، ماذا تفضل حينما تشرع في الكتابة؟
ليست لدي طقوس، الطقوس موجودة فقط في النص، أنا قد أكتب النص في الحافلة، في الطريق للبيت، أثناء عملي، وبعض قصصي مؤخراً كتبتها وأنا أقف خلف «مونيتر» الكاميرا أراقب تصوير لقطات الفيلم، وبعضها أكتب مقاطع منها في هاتفي النقال أثناء جلوسي في أي مكان ولا يوجد معي ورقة، لكن الطقوس التي يصطنعها أو قد يدعيها بعض كتابنا أصنعها أنا في تفاصيل النص، فأتحدث عن فنجان القهوة وقلم الحبر السائل والمرأة والبحر والنافذة والأوراق البيضاء..الخ، وفي النهاية يكون النص في الأصل مكتوباً على جهاز الكمبيوتر، وربما في ذلك الوقت لم يكن لدي قهوة في البيت في لحظة الكتابة. وأنا لا أؤمن بفكرة شيطان الكتابة ولا بطقوسها، أؤمن فقط أن الأفكار الجميلة قد تأتي في أي لحظة، لكن المهم هو الوقت المناسب الذي نستطيع فيه اقتناص هذه الفكرة والتقاطها وتحويلها من ذهنية لمكتوبة في أي وقت وضمن أي طقس.


• ما أهم الركائز والمبادئ الأساسية للقصة القصيرة؟

لست ناقداً لأحدد، فأنا ربما من أنصار الحداثة والتفكيك أكثر، وضد القواعد الكلاسيكية للنص ومحدداته، لكن هذا لا يعني أنني أنسف حتى الشكل، فالقصة القصيرة في النهاية شكل من أشكال السرد، وليست الشكل الوحيد، المهم بالنسبة لي كيف نسرد الفكرة، وليس كيف نسرد الحدث، فقد لا تكون القصة حدثاً، بل هي فكرة يتم سردها بلغة تقنع الكاتب والقارئ معاً. إن أحد قواعد كتابة القصة بالنسبة لي، ألا نخشى التفكيك والمزج، أي ألا نخشى الالتفات للتفاصيل التي قد يراها بعض النقاد إسهابا وتفصيلا زائدا، وبنفس الوقت ألا نخشى كتابة القصة بلغة الشعر أو النثر، حتى وإن أصر البعض على أن هذا نص نثري أكثر من كونه قصصياً، وهذا حدث معي أكثر من مرة بأن يتساءل البعض عن النص إن كان قصة أو جنسا آخر، فالقصة جنس أدبي قد يصح تسميته بالسهل الممتنع، فهو ربما سهل في الكتابة أكثر من الرواية أو القصيدة، لكنه ممتنع، فليس من السهولة جداً امتهانه واعتبار فلان قاصاً لمجرد أنه كتب بعض القصص، لأننا قد نخلط ما بين القاص والحكواتي، فليس كل من يسرد هو قاص. قد تكون اللغة وطريقة التعبير والصور الأدبية أحياناً أقوى من ضرورات السرد والحدث أو الفكرة.

• كيف تختار عناوين أعمالك؟ وما تأثيرات مضامين القصة لتحديد العناوين التي تختارها؟

أنا لا اختار عناوينَ لقصصي، هي تختار نفسها أو لنفسها عناوين، أحياناً أشعر أن النص يختار عنوانه، وأحياناً أحاول ألا يكون العنوان مباشراً، بل أن يكون مستكملاً للنص أكثر مما هو دال عليه، بالتالي فإن مضامين القصة يستكملها أحياناً العنوان أو يكون أحد أفكارها، وكذلك الأمر بالنسبة لعناوين الكتب، ففي كتابي وحيدان في الانتظار مثلاً اخترت العنوان قبل دقائق من إرساله للإجازة من دائرة المطبوعات والنشر، اكتشفت لاحقاً أي بعد صدور الكتاب أنني كنت موفقاً فيه، بل وأحببته أكثر.
 • هل هناك مميزات أساسية بين أبطال قصصك؟ وهل تشبهك في الواقع أحيانا؟

لا أعتقد بوجود مشترك في شخصيات قصصي، أنا في المحصلة لا أكتب سيرة ذاتية، ولا أبحث عن شخوص في قصصي تشبهني، ولا أحلم أو أتمنى من خلال تلك الشخوص، بالعكس شخوص قصصي معظمهم من واقعي، وأنا لا أسعى من خلال كتابة القصة لأن أكتب على طريقة التفريغ، بل قد تكون كتابة القصة أقرب للاستعراض والبحث عن محاولة كتابة، أكثر منها محاولة لتفريغ ما بداخلي. ولو أردت الأخيرة لكتبت سيرة ذاتية أو خواطر أو غيرها، فأنا أكتب القصة لحبي لهذا الفن وأعتقد أنني أجيده، ولا أقصد أني أجيده أي أنني صرت محترفاً بذلك، فأنا أعتبر كتابة القصة رحلة في التجريب لا تنتهي حتى بانتهاء الكاتب نفسه، فقد يتأثر به شخص ما ويأتي ليكمل مسيرته في التجريب في القص. ولكن بكل الأحوال أبطال القصص لا تشبهني أبداً وليس هذا عيباً ولكني أحاول التقاطها من المحيط أكثر من تحويلها لسيرة ذاتية.



• ماذا عن مكانة الحب في أعمالك وهل تخضعه لمنطق محدد؟

بدون الحب لا جدوى للحياة، فطالما أن الحب أحد أهم مكونات حياتنا اليومية، بل وحياتنا بشكل عام، فلا بد أن يكون للحب حيزا أكبر في نصوصي، سواء كانت مسرحية أو قصصية، وفي مجموعتي السابقة وحيدان في الانتظار كان هنالك حيز لا بأس به من القصص التي تحمل مضامينها بحسب التعريف السائد للحب على أنه الحالة العاطفية، لكني أجزم أن كل قصصي ونصوصي سواء نثرية أو مسرحية أو غيرها تبني نفسها على أساس الحب، فالحب هذا اللامرئي في حياتنا، قد يكون جذرا أساسيا للكثير من قضايا الحياة، حتى وإن كانت سياسية واجتماعية وثقافية أو غيرها، تماماً كما الماء أساسُ لكل شيء حي.


• بأي منظور تتحدث نصوصك عن المرأة وعلاقة الرجل بها؟

قد تختلف صور المرأة في قصصي، وهذا بطبيعة الحال عائد إلى فكرة القصة ومضمونها، فالعديد من أبطال القصص لدي نساء، وبطبيعة الحال طالما الجنس البشري مركب من ذكر وأنثى، فلا بد من علاقة ذكر بأنثى في النص أحياناً، وأحاول دوما تناولها من خلال منظاري أو نظرتي لها، فأحاول الانتصار لها أحياناً، وأحياناً قليلة أعتبرها الطرف الأقوى الذي تسبب بالخذلان، وأحياناً أراها سيدة الفكرة والعاطفة، وهذا يعني أنني لا أستطيع حسم صورة معينة أو منظار معين لتناولي للمرأة فالفكرة والظرف والحالة التي كتبت بها القصة هي التي تحدد طبيعة وشكل تناول الفكرة، لذا بشكل عام بطلات قصصي هن بالغالب نساء قويات متحررات، وإن لم يكن كذلك بالواقع، لكني أحاول الانتصار لهن على السلطة البطرياركية العربية ولو على الورق.
 • ما حصيلة مهند مع تجاربه الكتابية وكذلك القراءة؟
 ربما لا استطيع التعامل مع القراءة والكتابة كما يتم التعامل مع الأوراق المالية في الجرد السنوي، لا أعتقد هنالك نهاية لرحلة القراءة والكتابة لنستطيع حصرها، فكل اليوم أعتبر نفسي أكتب، حتى في عملي في الأفلام الوثائقية، وفي البرامج التلفزيونية أنا أكتب نصوصاً لتصبح مرئية، وهذه النصوص هي عبارة عن قصص وروايات مرئية أكثر منها مكتوبة. لكن إن جئنا نحصر النصوص المكتوبة فلدي المطبوع منها مجموعة قصصية فازت بجائزة ناجي نعمان في لبنان بعنوان «إلى أربع نساء»، وهنالك كذلك «وحيدان في الانتظار» وهي مجموعة قصصية صدرت في العام 2008، وكذلك مسرحية «املأ الفراغ» والتي تدخل ضمن إطار مسرح المضطهدين أو المسرح التفاعلي وأنجزها للمسرح المخرج محمد بني هاني وتم عرضها في الأردن ما يزيد عن 26 مرة، ولدي كتاب «جدلية المثقف والسلطة والفقيه»، وهو لا يزال مخطوط قيد النشر، ولدي قيد النشر كذلك مجموعتان قصصيتان إحداهما بعنوان «عن موت اليمامات» والثانية بعنوان «المخذولون» وكلاهما أيضاً ستنشران خلال هذا العام. بالإضافة للعديد من الأفلام الوثائقية سواء إعداداً أو سيناريو أو إخراج، وهي حصيلة أيضاً أعتبرها جزءا من التجربة الأدبية، وكذلك مسلسل درامي فلسطيني تم إنتاجه وعرضه قبل عام تقريباً كتبت له السيناريو كاملاً وكان من عشرين حلقة.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق