الثلاثاء، 26 يناير 2016

هيثم الفارسي يوشح "فتاة الماء" بالذهب ويحصد 66 جائزة "فياب"



من بين 6000 صورة و500 مصور عالمي


مسقط - العمانية
فازت صورة "فتاة الماء" للمصور هيثم الفارسي بالميدالية الذهبية في مسابقة صوفيا الدولية للتصوير الضوئي، متربعة على عرش المركز الأول في محور الماء شريان الحياة، والذي اشترط فيه أن تكون الصورة معبّرة عن الماء وأثره في حياة الناس من بحار وأنهار وأمطار وأودية، وهذا ما توافر في الصورة من بين أكثر من 6000 صورة لـ 500 مصور من 65 دولة مختلفة شاركوا في المسابقة وكانت فتاة الماء الأوفر حظًا بينهم.
وفتاة الماء هي صورة فتاة ريفية من النيبال تحمل الماء في علب وتنقله لإخوتها وأهلها في يوم ملبد بالغيوم، وجو مليء بالماء بكل حالاته الكيميائية..
الصدفة وحدها ما ساقت الفارسي للتواجد في الوقت والمكان المناسبين لحظة مرور هذه الفتاة، وبحسه الفني استشعر اللحظة المناسبة وقام بالقبض على اللحظة الزمنية البصرية لصورة ذات أبعادا ودلالات كثيرة، ولامست جوانب إنسانية وكشفت أبعادًا جماليّة أدركتها عيون خبراء التصوير حول العالم فأصبحت أكثر صورة حصدًا للذهب في المسابقات الدولية.
ويقول الفارسي إنّ صورة فتاة الماء هي من أقرب الصور إليه وتعني له الكثير، وبالرغم من أنه دخل عالم التصوير عن طريق الصدفة إلا أنّه أدرك سريعًا أنّ اجتهاده يظل السبيل الوحيد للوصول به إلى مرحلة الاحتراف، فعلى الرغم من أنّ بداياته كانت صعبة إلا أنّه كان مقبلا على تعلم الأساسيّات من الدروس النظريّة إلى جانب انضمامه إلى جمعية التصوير الضوئي التي مثلت علامة فارقة في مشواره لتعلم المزيد من المهارات في مجال التصوير الفواتوغرافي.
وحول بداياته في مجال التصوير، يقول الفارسي إنّ اهتمامه بالتصوير بدأ مع اطلاعه على أحد العروض على آلات التصوير الرقميّة في أحد المجمّعات التجاريّة واشتملت على ثلاث عدسات وانجذب إلى العرض على الرغم من عدم تمرسه في هذا المجال بعد.
ويضيف الفارسي أنّه مع اقتناء آلة التصوير بدأ شغفه بالتصوير، كما بدأ أولى خطوات البحث في عدد من مواقع الانترنت عن دروس أساسيّات التصوير وحاول تطبيق الدروس التي قرأها، ومن أبرز الأمور التي تعرّف عليها أنّ المصور الناجح هو الذي يستطيع ترويض الضوء واستغلال الإضاءات بما يخدم فكرته، ويساعده على تطبيق أفكاره؛ إلى جانب اهتمامه بالتقنيات الحديثة والفنون التشكيليّة.
ويتابع الفارسي إنّ تجربة التصوير في عمان ناجحة بدليل النتائج والإنجازات الكبيرة التي يحققها المصورون العمانيون في مختلف المشاركات الخارجيّة على مستوى الوطن العربي أو مختلف دول العالم، وهو ما يؤكد تقدم السلطنة في هذا المجال. ويؤكد الفارسي على أهميّة الدورات والمحاضرات المتعلقة بالتصوير الضوئي ودورها في صقل مهارات المصور حيث إنّه يستطيع أن يتعلم العديد من المهارات باستمرار خصوصًا مع التطور الذي تشهده مجالات التكنولوجيا وانتشار البرامج الخاصة بتعديل الصور وتنوع آلات التصوير الرقمية الحديثة التي تناسب مختلف مهارات ومستويات المصورين.
واكتسب الفارسي الكثير من الخبرات خلال سفرياته إلى العديد من الدول وتعرفه على مختلف الثقافات، ومن أبرز تجاربه سفره إلى الهند والنيبال وبنغلاديش والصين، بهدف تصوير عشرات البورتريهات وثقافات الناس، وهو يشير إلى الهند باعتبارها من أكثر بلدان العالم مناسبة لأي مصور حيث تحظى ببيئات وثقافات وموروثات متنوعة تساعد المصور على تنويع أعماله.
وعن أبرز الأمور التي يجب أن يركز عليها المصور المبتدئ ينصح الفارسي بضرورة انضمام المصور إلى جمعية التصوير الضوئي، حيث إنّها تعد بيئة مناسبة للمصور لتوفيرها ميزة الاحتكاك بالمصورين وتبادل الخبرات فضلا عن الاستفادة من حلقات العمل المجانيّة التي تقدمها الجمعيّة والتي تضيف الكثير للمصور من خلال حضوره مختلف الدروس التي يقدمها أساتذة متخصصون في هذا المجال، كما أنّ على المصور الاطلاع على الأعمال الفنيّة وممارسة التصوير باستمرار حتى يطور من أدائه ويضيف مهارات أخرى تصقل موهبته.
يذكر أن "فتاة الماء" حققت في عام 2015 وحده ٦٦ جائزة دولية منها ٣٧ ميدالية ذهبية و٣ ميداليات فضية و3 برونزية و٢٣ جائزة شرفية، وبذلك تكون أكثر صورة لمصور عماني حصدًا للذهب في المسابقات الدولية التي يرعاها الاتحاد الدولي لفن التصوير (الفياب).


الأربعاء، 13 يناير 2016

أمسية محبة في أربعينية فاطمة المرنيسي بالبحرين




وتقديم كتاب (شهرزاد المغربية) عن الرّاحلة الكبيرة






لعلّ الراحلة فاطمة المرنيسي لم تكن تتوقّع أن تنظّم أربعينيتُها في أقصى الوطن العربي وبالضبط في البحرين البلد الذي سبق لها أن زارته مرتين. لكن الوفاء لا بلد له ولا جنسية له. هكذا خلّد مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث في مدينة المحرق البحرينية أربعينية عالمة الاجتماع المغربية الراحلة من خلال (أمسية محبّة) التأمَتْ تحت شعار (الحالمون لا يمكن ترويضهم أبداً) وحضرها العديد من رجال ونساء الفكر من البحرين والسعودية والإمارات العربية. وركّزت وزيرة الثقافة البحرينية مي الخليفة خلال تقديمها للندوة على الصداقة التي جمعت فاطمة المرنيسي بالبحرين، فيما تعاقب على المنصة كل من الأديب ياسين عدنان، والفاعلة الجمعوية المغربية جميلة حسون، الصحافي الألماني توماس هارتمان ومترجمة المرنيسي إلى الإيطالية البروفيسور إيليزابيتا بارتولي ليضيئوا جوانب من مسار الراحلة الحياتي والفكري.

الأمسية كانت مناسبة أيضًا لتقديم كتاب من 326 صفحة تمّ إنجازه في أقل من شهر على وفاة الراحلة فاطمة المرنيسي من إعداد وتحرير ياسين عدنان، وصدر تحت عنوان (شهرزاد المغربية: شهادات ودراسات عن فاطمة المرنيسي) عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت بدعمٍ من مركز الشيخ إبراهيم بن محمد الخليفة للثقافة والبحوث. وعرف الكتاب مشاركة نخبة من الكتاب والأدباء من بينهم: المفكر المغربي الدكتور محمد نور الدين أفاية، الشاعر السوري محيي الدين اللاذقاني، عالم الاجتماع التونسي الطاهر لبيب، الروائية العراقية عالية ممدوح، الأكاديمي الفلسطيني خالد الحروب، الناقد العراقي عبد الله إبراهيم، الناقدة العراقية فاطمة المحسن، الشاعران البحرينيان قاسم حداد وحسن كمال، الاقتصادي المغربي إدريس الكَراوي، الكاتب اللبناني بيار أبي صعب، الشاعرة العراقية بلقيس حميد حسن، وزيرة الثقافة البحرينية مي الخليفة، الأكاديمية السعودية الدكتورة عائشة المانع، الشاعرة الجزائرية ربيعة جلطي، والكاتبة اليمنية إسمهان عقلان العلس. إضافة إلى نخبة من الكتاب والفاعلين المغاربة من مختلف التخصّصات الأدبية والفكرية: لطيفة البوحسيني، فاطمة الزهراء طموح، جميلة حسّون، فاطمة كدو، فريد الزاهي، صلاح بوسريف، محمد اشويكة، حميد لشهب، عزيز الحدادي، وسعيد بوخليط.
هذا وتمّ تقسيم الكتاب إلى ثلاثة محاور كبرى، محور خاص بالشهادات، والثاني بالدراسات، فيما جاء القسم الأخير تحت عنوان "تلويح وداع" وضمَّ مجموعة من التحايا الحميمة لروح الفقيدة الكبيرة.
ونقرأ من مقدمة ياسين عدنان للكتاب: "فاطمة المرنيسي امرأة عصيّة عن التصنيف. يتداخل الفكر في كتاباتها بالأدب، والبحث الأكاديمي بالتخييل. هي متعدّدة بطبيعتها، لذلك كانت دوما ترفض الاختزال. النسائيات العربيات اللواتي أثارهن بشكل خاص اشتغالها الجريء على قضايا المرأة منذ مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، سرعان ما تنكّرت لهن، أو على الأقل فاجأتهن وهي تغيِّر الوجهة باتجاه المجمع المدني. "لستُ مناضلة نسوية لأنشغل بالمرأة فقط"، تقول فاطمة، "لقد انخرطتُ في دينامية المجتمع المدني لأنه فضاء لا تقف فيه المرأة بمواجهة الرجل، بل يعملان سويا ويتعاونان." ولتجسيد هذا الحلم، أطلقت قافلة مدنية أرغمت من خلالها عددا من المثقفين والفنانين والفاعلين المدنيين على النزول من أبراجهم العاجية للتفاعل مع ساكنة القرى والبوادي في المغرب العميق، المنسي، والمهمّش. فأعطت بذلك لعدد من مثقفي اليسار الذين كانوا يصنّفونها كبورجوازية درسًا في الطريقة التي يمكن بها للمثقف العضوي - فعلًا لا شعارًا- أن يمارس نضاله الثقافي ويضطلع بدوره داخل مجتمعه.
ومثلما أدهشت شهرزاد شهريار - يضيف ياسين عدنان- مارست شهرزاد المغربية غوايتها علينا جميعا. إذ ظلت تفاجئ قراءها باستمرار وتدهشهم وتأتيهم دومًا من حيث لا يحتسبون. بعد عودتها من أمريكا، توقع منها الأكاديميون المزيد من الأبحاث "الرصينة" ففاجأتهم بمحكيات الطفولة، وبانحيازها للأدب. توقعت منها مناضلات الحركة النسائية فضح العلقية الذكورية وعمقها المرجعي في الثقافة العربية الاسلامية، فإذا بها تكتب لتشرح لهن كيف كانت المرأة عزيزةً رفيعةَ القدر في تاريخ الإسلام منذ "نساء النبي" حتى السلطانات المنسيات. يساريو تلك الأيام توقعوا منها المزيد من نقد التراث الديني، فإذا بها تدافع عنه بطريقتها، هي خريجة جامعة القرويين. توقع منها الغرب أن تزوده بالمزيد من حكايات الحريم الشرقي وأن تواصل تشريح البنى الذكورية في العالم العربي الإسلامي بشراسة، فإذا بها تنقلب عليه لتفضح الحريم الغربي الأكثر قسوة على المرأة ونيلا من إنسانيتها. إنها شهرزاد معاصرة، تعرف كيف تستعمل عقلها- لا جسدها- لمواجهة الاختزال، عنف الخطاب، والقتل الرمزي."

(شهرزاد المغربية) صدر بغلاف جميل من تصميم كايير أردال، فيما تعود لوحة الغلاف للخطّاط المراكشي عبد الغني ويدة.